قبل ما يقرب من ألف وأربعمائة سنة وصل إلى أرض الأندلس. المجاهد طريف بن مالك المعافري من (محافظة تعز حاليا)، كأول مسلم وطئت قدماه أرض الأندلس. يقود سرية استطلاع هناك مرسلة من القائد موسى بن نصير، وبعد عام واحد عبرت الجيوش الإسلامية إلى أرض الأندلس، وها هو اليوم أحد أحفاد طريف بن مالك المعافري يصل إلى أرض الأندلس، لكنه لم يصل مستطلعا ولا فاتحا بل وصل هاربا من بني جلدته، خائفا باحثا عن الأمان، بعد أن فقده في وطنه اليمني ووطنه العربي.
أستاذ عادل: لن تكون غريبا في أرض الأندلس فأهلك هناك، فكل الجيوش الإسلامية التي عبرت إلى أرض الأندلس عبر تأريخها كان اليمنيون فيها هم الرقم الأكبر، فلو نطقت المدن والقصور والقلاع هناك لقالت لك: هنا عبق من أجدادك، ولو نطقت الأنهار لقالت: من هنا عبر أجدادك، وعندما ستسير على ظهر قنطرة قرطبة ستخبرك أن من شيدها هم أجدادك في عهد السمح بن مالك الخولاني. ففي قرطبة كان لهم صولات وفي إشبيلية كان لهم جولات، سكبت دماءهم في طليطلة وثبتوا في غرناطة، في برشلونة كان لهم وقفات وفي سرقسطة كان لهم وثبات، في معركة بلاط الشهداء كانوا هم الشهداء، ما أن تتجول في المدن والأرياف إلا ووجدت هناك ريح أجدادك الذين جاهدوا وعمروا وزرعوا.
وعندما ستزور الجامع الكبير في قرطبة ستخبرك مئات الأقواس التي بداخلة أنها أقواس يمانية وفكرة يمانية، لا تحزن أستاذ عادل فستجد أمامك السمح بن مالك الخولاني والي الأندلس وقائد جيوشها، وبجانبه والي الأندلس عبد الرحمن الغافقي قائد معركة بلاط الشهداء وهو من منطقة (اللحية) بمحافظة الحديدة، ستجد عنبسة الكلبي، ومجاهد السكوني، وأبو الصباح اليحصبي. وأبو يحيى الحضرمي، وأبو يوسف النخعي، وستجد أمامك والي الأندلس وقائدها القوي الحاجب بن منصور المعافري، والمئات المئات من القادة والأمراء وزعماء القبائل والذين كانت لهم أدوار بارزة في تأريخ الأندلس.
ولو قدر الكلام لجوامع الأندلس والتي تم تحويلها إلى كنائس لقال الكثير منها إن الذي خط قبلتها هو التابعي الجليل حنش بن عبد الله الصنعاني والذي أطلق عليه مهندس المساجد، وقد كان أبرز من شاركوا في بناء جامع قرطبة الشهير وجامع سرقسطة الكبير، فلن تشعر بالوحشة هناك يا أستاذ عادل.
ولكن أنا عندي لك طلب بل ورجاء.
فعندما يسألونك عن وضع اليمن فإياك أن تخبرهم بالحقيقة، فلا تقل لهم أننا أصبحنا لا نملك من أمرنا شيء بعد أن تقاسمنا العرب والعجم، وقسمونا إلى طوائف وأحزاب وجماعات متقاتلة ومتناحرة، لا تخبرهم كيف غدر بنا وعبث بنا (الأشقاء)، وكيف يكيد لنا الأصدقاء، أرجوك لا تخبرهم أننا نتقاتل مع بعضنا لمدة تسع سنوات وندور في حلقة مفرغة بسبب كيد الأشقاء والأصدقاء من العرب والعجم والذي تقاسمونا في كل شيء وملكوا قرارنا، وإياك ثم إياك أن تخبرهم بأننا لا نستطيع رفع علم بلادنا داخل بلادنا!!
لا تشرح لهم وضعنا ولا من يقودنا، أرجوك أستاذ عادل لا تفعل، وإياك أن تخبرهم بسبب قدومك إلى أرض الأندلس! قل لهم أنك قدمت لزيارة مآثرهم وأمجادهم الخالدة، وعندما ستزور قصر الحمراء في غرناطة والذي شارك أجدادك في تشييده، فلا شك أنك ستقابل هناك في مدخل قصر الحمراء إياس بن قلاع الحميري وهو أحد القادة الذين دافعوا عن غرناطة قبل سقوطها، فصافحه وقل له ما قاله الشاعر نزار القباني.
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ما أطيب اللقيا بلا ميعاد