لازال العالم في ذهول من عملية حماس العسكرية ضد إسرائيل، ولازالت أجهزة الاستخبارات الكبرى عاجزة عن تقديم تقييم دقيق عن ما جرى في غزة، ولا زالت إسرائيل والولايات المتحدة غير مستوعبتين كيف تم إسقاط صورة الجيش الذي لا يهزم!؟
لكن محللي التطبيع في العالم العربي يتحدثون عن خطة نقل سكان غزة إلى سيناء، وهدية حماس لإسرائيل، وكأننا أمام ملايين الأغنام يعيشون في غزة يمكن نقلهم أين ما تريد إسرائيل، طالما أرسلوا مخلفاتهم إلى منزلها.
لم يعد هناك تفكير إبداعي لفهم ما حدث لأولئك العاجزون الذين لم يعد يعترفوا بأن البشر الذي نراهم في غزة حولهم الحصار والتضييق إلى مهنة واحدة فقط هي الجندية مع جيش القسام.
حتى لو افترضنا بأن مخطط تهجير أهل غزة حقيقي، هل تحتاج إسرائيل حدثا يقضي على أسطورة جيشها كما حدث؟ وهل تحتاج أمريكا جبهة جديدة في الشرق الأوسط يقلل من اهتمامها بروسيا في أوكرانيا ومخطط الصين الكبير؟
أما إيران ستظل تناور على الأطراف خوفا من تحول الحرب ضدها، وحرجا مما حدث بعيدا عن معرفتها، ولن تذهب واشنطن أبعد من تحريك الوسطاء وإطلاق الأسرى بعد أن تشبع إسرائيل غريزتها من سفك دماء المدنيين في غزة، فتفجير الحرب العالمية من محيط إسرائيل ثمنه خسارة قيادة العالم.
الموقف الذكي والمتزن والذي يبحث عن ثمار وسط الأزمات هو الموقف السعودي الرسمي، فقد أدركت الرياض أن الحاجة للتطبيع مع دولة أسقطت صورتها جماعة مسلحة لم يعد أمرًا مستعجلا، فما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده، فالتحالفات ستتغير وأكبر الخاسرين إسرائيل وحليفها العربي الإمارات.