إسرائيل ليست حفنة من المهاجرين اليهود، بقدر ما هي كيان استعماري غربي متقدم في الوطن العربي، وما المسألة اليهودية، وأساطيرها التوراتية إلا عذر في هذا التوجه الاستعماري الأمريكي الأوروبي للعالم الإسلامي في منطقة هي في القلب منه.
ولأن الأمر كذلك فإن تجربة العرب في مواجهة هذا الكيان كانت مريرة في النكبة والنكسة... فقد واجهوا الغرب كله بترسانته العسكرية والمالية...
وبعد استعادة سيناء، والسلام مع مصر، ومع الأردن في وادي عربة أعيد تعريف القضية من كونها عربية يهودية إلى طبيعتها الحقيقية كإسرائيلية فلسطينية.
فالفلسطينيون في غزة وفي الضفة مشكلة للاحتلال الصهيوني وعليه معالجتها كأي احتلال بإنهاء احتلاله للأراضي المحتلة على حدود 67 على الأقل... إلا أن العقل الصهيوني المجرم تفتق عن خطة جهنمية لتصفية القضية ونقلها كمشكلة للجوار العربي والأردني من خلال تهجير سكان غزة لسيناء.
وأمام الاحتشاد الغربي بأساطيله شرق المتوسط والذي لا يبدو أن غزة هي هدفه الأخير فإن دعم مصر للحفاظ على حدودها وأراضيها هو ما يجب أن يشغل العرب الآن...
فالضغوط على مصر تبدو لي جادة جدا ومسنودة هذه المرة بأساطيل أمريكا وأوروبا في شرق المتوسط وأي جر لمصر للمعركة قد تنتهي بخسارتها لسيناء عسكريا. وليس بعربي من قد يتمنى لمصر هذا المآل.
غزة كما الضفة أراضي محتلة من الصهاينة ويجب أن تظل مشكلة للاحتلال وفي إطاره الجغرافي، ومن غير المقبول أن تحملها مصر نيابة عنه، أو الأردن.
فإن كانت القوة الغربية فيلا متغطرسا، فمن غير المناسب مواجهة هذا الفيل بأسد منهك، فهو قد يدهسه، لكن قد يكون من الملائم مواجهة الفيل ببعوضة... فقد قيل إن "بعوضة ذكية قد تودي بفيل متغطرس، وأحمق أحيانا"... هكذا قالت الحكاية.