من لم ييش في فلسطين لن يستطيع فهم ما يحدث الآن فيها، حصار وإذلال وجدار عنصري والآلاف من كاميرات المراقبة الموجهة نحو الفلسطينيين، ليس إلى الشارع أو الحي فقط بل إلى داخل المنازل مباشرة ونحو الحدائق ودور العبادة وكل البنية التحتية ووسائل الحياة.
ليس هذا فحسب بل وجود الأسلحة الأتوماتيكية في كل نقاط المراقبة والجدار العنصري جاهزة لقتلهم بالاعتماد على صورة من كاميرا مراقبة، هذه هي صورة مبسطة للاحتلال لمن لم يفهم بعد معنى الاحتلال، ومع كل أنظمة التعرف على الوجوه والتجسس المتطورة كان يستطيع الاحتلال الإسرائيلي اعتقال مجاهدين المقاومة الفلسطينية واحد تلو الآخر دون إبادة شعب بأكمله أو تهجيره..
وكان من المستحيل مع كلما تمتلكه إسرائيل من تكنولوجيا حديثة نجاح هجوم ٧ أكتوبر، لكنه الله ثم عدالة القضية مكن المقاومة من القيام بدورها لإحياء القضية الفلسطينية بعد أن كانت في خانة النسيان بعد رسم خارطة إسرائيل الجديدة المتمثلة في تهجير الفلسطينيين ثم التوسع إلى دول الجوار، وما تفعله إسرائيل في غزة اليوم هي مجازر إبادة وتصفية عرقية، أنه إجرام مبني على العنصرية، ضد أطفال ونساء وشيوخ.
تصور أنك صاحب الأرض والحق وتمنع من الماء لسنوات وتفقد أعزائك دون أي سبب ويهدم منزلك على رأس عائلتك وتجرف مزرعتك وينتهك عرضك، ويولد طفلك في نقطة تفتيش ويتم تعذيبك وإذلالك تحت حكم الاحتلال العنصري النازي، تصور أن طفلك يولد ويكبر في مثل هذا المكان المحاصر منذ عقود ويعلم أن البلد الذي يعيش فيه تكرهه القيادة المحتلة له ومستعدة لقتله في أي لحظة، مع أنها لا تعرفه أو تلتقي به، حتما لو كنت طفلا ولدت وكبرت تحت هذه الظروف أنك ستكبر وتقاتل من أجل كرامتك وحقوقك وهذا هو حال كل فلسطيني.
الحرب على غزة أنتجت اليوم صحوة عالمية لقد شاهدت العديد من مشاهير الغرب المتضامنين مع غزة ومعلني إسلامهم بسبب معرفتهم الدين بعد ما رأوا إيمان شعب غزة وإرادتهم القوية وشجاعتهم الفريدة، رأيت إعجاب المشاهير والمؤثرين الغرب في الأمل الذي لا يقهر لدى الفلسطينيين، ووصفوهم بأنهم شعب لا ييأسون من الحياة أبدا، والشيء الوحيد الذي يخافه الفلسطيني هو الله وحده، يقاتلون وهم مطمئنون كثيراً يتفاءلون بنصر الله، يحمدونه في مصابهم، مؤمنين بأن ذلك نصيبهم من هذه الدنيا الفانية، هؤلاء هم الفائزون المؤمنون حقا والنصر حليفهم، تقول ناشطة يهودية "ما حدث لليهود في الهولوكوست كيف يمكن تحمل أن يحدث لمثلهم، وهذا ما تفعله دولة إسرائيل وهذا ما يفعله المحتلون، لقد أخذوا ما تعرض له الشعب اليهودي ككل ويفعلون الآن ذلك بشخص آخر ليس له ذنب، لقد فروا من النازيين حتى أصبحوا هم النازيون".
أخيراً: غزة تغير العالم والحرب عليها فضحت الجميع وأسقطت إنسانية الغرب إلى الأبد، وكشفت المواقف الحقيقية دون مساحيق تجميل، وانهارت الدعاية الصهيونية المبنية صروحها منذ سبعة عقود، وانتصر طوفان الأقصى وقياداته وأمته، واكتسح الطوفان البشري عواصم ومدن أمريكا ودول أروبا والعالم معترفين بفلسطين دولة حق لها البقاء وإسرائيل محتل باطل يجب إزالته، معلنين إدراكهم الخاطئ للإسلام مؤكدين أن الإسلام سلام ومحبة، فقد حصحص الحق وزهق الباطل "وإن تتولوا يستبدل غيركم ثم لا يكونون أمثالكم".