القيود التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على وسائل الإعلام الإسرائيلية فيما يتعلق بسير العمليات في غزة سببها الرئيسي هو حجم الخسائر الهائلة في صفوف جيش الاحتلال، التي يمكن أن تكون أضعاف ما يتم الإعلان عنه وربما تكون الأكبر في تاريخه العسكري، والتي كانت تقوم وسائل الإعلام الإسرائيلية بالتسابق حول نشرها في الأيام الماضية.
لكن الأهم هو التمرد الصامت للجنود وانهيار روحهم المعنوية، وتفشي أمراض الحروب بينهم، وانعدام حماستهم لحرب يعتقدون أنها عبثية لم تحقق أيا من أهدافها وأنهم يستخدمون من قبل نتنياهو وشركاؤه لأهداف شخصية وسياسية، بل إنهم يشاهدون رفاقهم يسقطون حولهم قتلى وجرحى في كل لحظة، وأصبح كل منهم يعتقد أنه التالي، فإما يموت بطلقة قناص، أو انفجار لغم، أو قذيفة موجهة، وأن دبابات الميركافا ومدرعات النمر التي تتباهى بها إسرائيل تحولت لمقابر متحركة ونعوش مصفحة.
ولذلك كثرت زيارات قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي للجبهات في غزة، فوقفوا بأنفسهم على حقيقة أوضاع الجنود فسحبوا ألوية وكتائب احتفل جنودها في حفلات بالنجاة من الهلاك المحقق الذي طال زملاءهم، فبدأ الإسرائيليون ينسحبون بصمت ودون إعلان من معظم الأحياء في قطاع غزة مخلفين وراءهم دمارا هائلا وجرائم حرب وحشية غير مسبوقة، وسوف يركزون في خطتهم العسكرية المستقبلية على خنق غزة واستحكام حصارها مع بناء منطقة عازلة تقتطع من أراضيها تشكل ما يزيد على 25%من مساحتها تحرمها من مواردها الزراعية والمائية، ولا يستبعد استخدامهم لمرتزقة مستأجرون يشكلون حاجزا عسكريا بينهم وبين قطاع غزة وهناك تقارير موثقة عن ذلك .
لقد أصبحت هناك قناعة إسرائيلية وعسكرية تامة بالفشل المزمن في المعركة، والهزيمة الكاملة في الحرب لكنهم سينفذونها بصمت ودون إعلان رسمي لأسباب كثيرة، مع إلزام الإعلام الإسرائيلي بعدم النشر إلا ما يسمح به، لكن ما يجري خلف الكواليس اليوم سيكون على الملأ غدا "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله".