فيما يسمى المفاوضات السياسية والمباحثات والحوارات حول الشأن اليمني.. كل الأطراف المساهمة في تدمير وتخريب هذا البلد تجني مكاسب سياسية على حساب قتل أحلام الشعب اليمني باستعادة دولته ومؤسساته, وهزيمة المليشيات وداعميها.

كل الأطراف الدولية والإقليمية وممثليها المحليين حجزوا مقاعدهم على طاولة المفاوضات ويحققون مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية على حساب مزيد من التنازلات للدولة الشرعية ، وتدمير بنيتها التحتية ، وتدمير الإنسان اليمني،

واقع اليمن الكارثي بكل تفاصيله مطروح

على طاولة تلك المفاوضات, وحدها الدولة اليمنية والقوى السياسية الغائبة, ووحدها من يُنتزع منها مكاسب سياسية لصالح دول إقليمية ودولية وممثليها من المليشيات والكيانات المسلحة المحلية ..

تذهب السعودية لتعزيز وجودها عبر كيانات مسلحة وأخرى كانتونات سياسية .. وتذهب إيران لتوسيع نفوذها عسكرياً وسياسياً على جغرافيا اليمن وصل حد العبث بالبحر الأحمر.. بتفاهم متناغم مع السعودية

تذهب الإمارات لتعزيز نفوذها المسلح في محافظات الجنوب على حساب حياة الإنسان اليمني أو بلغة أخرى الجنوبي..

سلطنة عُمان لاعب متمرس وحاضر بقوة في المشهد من خلال فصائل مسلحة وكيانات سياسية وإعلامية بالشراكة مع النفوذ القطري.. والتحالف مع المصالح الإيرانية عبر ممثلها مليشيات الحوثي.

الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية هي الأخرى يزداد نفوذها حضوراً في اليمن متحكمة بإدارة المشهد وأدوار جميع اللاعبين وفي مقدمتهم مليشيات الحوثي التي تؤدي دور البطل في مسلسل تدمير اليمن وتقسيمها وقتل وتهجير هذا الشعب داخلياً وخارجياً..

مؤخراً تذهب الولايات المتحدة إلى مكافأة مليشيات الحوثي على أدوارها الأخيرة التي مكنت الولايات المتحدة من إحكام السيطرة على البحر الأحمر وخنق جمهورية مصر اقتصادياً وإكمال محاصرة السعودية طائفياً..

هذه المليشيات الطائفية كانت أدوات الغرب في تدمير العراق دولة ومؤسسات وإنسان ودين وهوية عربية.. وذاتها كانت الأداة في تدمير سوريا وتهجير شعبها وقتل مئات الآلاف .. وهي ذاتها التي كانت نافذة تدمير اليمن مؤسسات وبنى تحتية وإنسان, وتقسيمه اجتماعياً وطائفياً ومناطقياً, وبسببها اليمن مهدد بالتقسيم إلى دويلات مناطقية وطائفية وجهوية.. المكافأة التي تعدها الولايات المتحدة لأذرع إيران في اليمن على خدماتها المتبادلة بين إيران والأمريكان على حساب ماتبقى من وجود للدولة الشرعية اليمنية.. وعلى حساب الأمن القومي للسعودية .. يعتقد الأشقاء في السعودية أنهم أكثر دهاء في التعاطي السياسي والعسكري في اليمن.. لكني أقول لهم مع افتراض صحة ذلك الدهاء, أنتم تقومون بمغامرة ومقامرة الخسارة فيها تهديد وجودي للمملكة جغرافياً ونظاماً,

الأمر ليس نزهة ولايمكن اعتبار الصراع فيه حقل تجارب.. الحسابات الخاطئة سيدفع أصحابها أثماناً باهظة مثلما ندفعها اليوم نحن اليمنيون (دولة وشعب وقوى سياسية).

مايجب استيعابه اليوم في الداخل اليمني أننا خارج طاولة المفاوضات التي ترسم خارطة اليمن السياسية والعسكرية والجغرافية.. الأمر هنا يعود لكارثة تسمى القيادات السياسية التي مازالت تراهن بسذاجة إذا أخذنا الأمر بحسن نوايا على مواقف الأشقاء والأصدقاء.. رغم أني أشكك في وجود حسن نوايا لكثير من قيادات القوى السياسية.. المشهد إذا يتجاوز وقوعنا في النفق المظلم .. إلى تحولنا للنفق المظلم ذاته دون أدنى بصيص أمل في نقطة ضوء.. عدا تلك التي تأتي من المرابطين على طول جبهات البلاد دفاعاً عن الدين والعقيدة والجمهورية وأهداف ثورتي الـ 26 من سبتمبر والـ 14 من أكتوبر, ومن أجل هزيمة المليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.