في زمنٍ تتلاشى فيه الأحلام تحت وطأة السياسة وتبدلاتها العاتية، يتجلى السؤال: عن الثمن الذي ندفعه من أجل صراعات لم نخترها؟
يعيش الصيادون في اليمن مأساةً لم تكن من صنع أيديهم، ولكنها نتيجة مباشرة للتحركات العسكرية والاستراتيجية في المنطقة، حيث تتقاطع مصالح القوى العالمية والإقليمية على حساب الحياة اليومية للناس العاديين.
فالحروب والنزاعات لم تعد تختار ضحاياها؛ فالجميع في مرمى نيرانها، وقد أصبح المدنيون، كالصيادين المسالمين مثلا، عرضة للأضرار الجانبية للعمليات العسكرية التي تهدف إلى محاربة الإرهاب أو الجماعات المسلحة، والتي تعتبر في الأساس جهودا غربية لجلب الغزاة إلى الوطن العربي بشكل عام بذريعة محاربة الإرهاب.
تقف السياسة، في كثير من الأحيان، كجدار بين الإنسان وأحلامه، ممزقةً الأمان والسعادة من قلب حياته. قصص الصيادين الذين فقدوا مصادر رزقهم بسبب استهداف الطيران الأمريكي والبريطاني، الذي يدعي أنه يستهدف الحوثيين لحماية الملاحة البحرية، تجسد تلك الحقيقة المؤلمة، حيث تتعرض مياه البحر الأحمر لاستهدافٍ متكررٍ تحت ذريعة ملاحقة الحوثيين، الذين يدعون بتهديد الملاحة البحرية واستهداف السفن التجارية ردًا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
ولكن النتائج الفعلية لهذه الأعمال العدائية خلفت وراءها ضحايا من الأبرياء اليمنيين وتداعيات اقتصادية مدمرة.
الصيادون، الذين كانت البحار مصدر عيشهم وحياتهم، وجدوا أنفسهم محرومين فجأة من مهنتهم التي ورثوها عبر الأجيال، والزوارق التي كانت تمخر عباب البحر بحثًا عن الرزق، رست الآن بلا حراك، شاهدة على التحول الدراماتيكي في حياتهم.
ولم تكن هذه المعاناة محصورة بالصيادين فحسب، بل امتدت لتطال البنية الاقتصادية لليمن ككل، حيث ارتفعت كلفة وصول الحاويات التجارية بشكل جنوني، من سبعة آلاف دولار إلى أربعة عشر ألف دولار للحاوية الواحدة، مما أثر بشكل مباشر على أسعار السلع والمواد الأساسية.
"الأهم من ذلك، أن الضرر الناتج عن الأعمال الحوثية لم يصب إسرائيل بشيء، ولكن الشعب اليمني هو الذي يعاني من ويلات الحرب والفقر منذ تسع سنوات عجاف.
الصيادون وعائلاتهم، الذين كانوا يعتمدون على البحر كمصدر رزق، أصبحوا الآن يواجهون ظروفًا معيشية كارثية، مع قلة فرص العمل وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
الحاجة ماسة الآن إلى إنهاء التدخل الدولي المباشر في اليمن والاكتفاء بتوفير الدعم اللازم للحكومة اليمنية حتى تتمكن من بسط سيطرتها على كافة الأراضي اليمنية، وإنهاء الانقلاب الحوثي يعتبر نهاية لتهديد المصالح الدولية والإقليمية في اليمن والمنطقة.