كانت مدينة عدن تُعتبر عاصمة اليمن الاقتصادية والتجارية، لكنها تحولت إلى ساحة لتجليات النفوذ الخارجي، وانخرطت قيادات محلية في أدوار تخدم أجندات قوى خارجية على حساب الاستقرار والنمو الاقتصادي للمدينة، وساهم ذلك التوجه نحو الفوضى بشكل كبير في تراجع جاذبية عدن لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، الذين بحثوا عن فرص في بلدان أخرى بعد انقلاب مليشيا الحوثي وسيطرتها على العاصمة صنعاء.
في أعقاب الانقلاب الحوثي، كانت هناك فرصة ذهبية لعدن لتصبح مركزاً اقتصادياً ومالياً جديداً لليمن، مستفيدة من تحولها إلى العاصمة المؤقتة للبلاد، وإغلاق ميناء الحديدة عند انطلاق عاصفة الحزم، وكان يمكن لهذا الانتقال أن يشكل مرحلة جديدة من الازدهار والنمو، حيث يبحث المستثمرون عن بيئات آمنة ومستقرة لضخ استثماراتهم، والأمان والاستقرار هما العوامل الرئيسية التي تجذب الاستثمارات، وبالتالي، كان بالإمكان جذب رؤوس الأموال من صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى عدن.
لكن الواقع كان مختلفًا تماماً، فقد تعمدت بعض القيادات المحلية في عدن نشر الفوضى والعمل كأدوات لقوى خارجية، مما أضر بالسياق العام للاستقرار والأمن في المدينة، فهذه الأجواء المضطربة خلقت بيئة غير مواتية للمستثمرين، الذين توجهوا بدلاً من ذلك لاستكشاف فرص في أماكن أخرى تتسم بمزيد من الاستقرار والتوقعية في السياسات والاقتصاد.
لو تمكنت عدن من توفير الأمان والاستقرار، ليس فقط لجذبت المستثمرين المحليين الذين يسعون للهروب من الاضطرابات في أجزاء أخرى من اليمن، بل لفتحت آفاقاً واسعة لاستقبال استثمارات من دول مختلفة، ما يسهم في إحياء اقتصادها وإعادة بناء البنية التحتية التي تضررت بفعل الصراعات.
تحقيق الاستقرار في عدن يتطلب جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف اليمنية، بالإضافة إلى دعم دولي مكثف لإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز النظام القضائي والإداري، ويجب على الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي العمل سويًا لضمان توفير بيئة مواتية للأعمال والاستثمار، تتسم بالشفافية، والكفاءة، والعدالة.
في الختام، تظل الفرصة مواتية أمام عدن لتصبح مركزًا اقتصاديًا رائدًا في المنطقة، شريطة التغلب على التحديات الأمنية والسياسية الراهنة، ويمكن لعدن أن ترسم مستقبلاً مزدهرًا ليس فقط لنفسها بل لكامل اليمن، وتحقيق التنمية المستدامة.