قراءة في المشروع السني والشيعي الهدف وصراع الوجود
والإثمار المآلي لمن يكون.. .
التعامل مع من يحمل مشروعا محددا
يكون من خلال ذلك المشروع.
لأن أهدافه لم توضع إلا في ذلك الإطار فقط.
المشروع الشيعي هدفه أن يكون بديلا عن المشروع الحضاري السني ولا يمكن ذلك إلا بإنهاء المشروع السني والقيام بديلا عنه. وإضعافه وتفتيته حتى يصبح بلا حول ولا قوة.
وهذا موثق على المستوى المرجعي الديني في مصادرهم الدينية، وعلى المستوى التاريخي السياسي والعسكري.
يستوي في هذا كل الفرق الشيعية.
تاريخيا في كل البلاد التي حكموها
لم يكن لهم أي دور في نشر الدين وقتال أعدائه من الكافرين
بل حصرا تقوم نظريتهم أن المشروع الحضاري السني هو العدو وهو الهدف.
حين امتد التشيع عبر التاريخ لم يتمدد في أي جغرافيا دولية من دول الكفر
بل تمدد حيث العمق السني
فوصل إلى مصر قديما
وإلى اليمن وإلى العراق والشام والجزيرة العربية
وهو يعيد الكرة حديثا.
وهذا التمدد يقوم على تحقيق هذا الهدف وهو إنهاء المشروع الحضاري السني في العالم.
هذه هي الأرضية المعرفية التي يجب أن تنطلق منها معرفتنا وتصوراتنا للصراع والحرب.
ومن يظن غير هذا فهو واهم كبير.
وللأسف الكثير من الساسة والمحللين وقادة الاحزاب والعاطفيين من الجمهور في الجغرافيا السنية ليس لهم هذه البوصلة الثابتة.
أما الساسة والأحزاب فيتعاملون مع المد الشيعي وفق السياسة والمرجعية السياسية وقد وصلوا لباب موصد أمامهم كليا.
لقد فشل السياسيون من ذري الخلفية غير الشيعية فضلا عن السنية في العراق واليمن والشام في إحداث أي تقارب أو تفاهم سياسي مع الفكر السياسي الشيعي.
وهكذا حمل العلماء السنة مشروع التقريب
ليكتشفوا بعد خمسين عاما وعلى رأسهم شيخنا القرضاوي.
إنه مشروع الوهم والسراب.
هذا هو المشروع الشيعي.
لم تنحرف بوصلته ولن تنحرف.
فتفسير التصرفات في هذا السياق هو الذي يعطيك الحقيقة.
الجغرافيا السنية اليوم تعيش بلا مشروع
هذه حقيقة سوى هم القضاء على بعضهم والكيد له
والمسارعة من المرضى في العدو الصهيوني.
لقد سبب هذا الوضع وامتداده لأجيال صدمات كبيرة في نفوس العديد من جمهور وشعوب السنة.
خذلان.. تفرق.. انصياع للاستعلاء الأمريكي والغربي... خذلان غزة وفلسطين.... محاربة المصلحين
إن هذا الاضطراب في المشروع السني
ينطلق من خلاله أي مشروع آخر
فضلا عن المشروع الشيعي
إن المفزوع والمظلوم والمكدود إذا وجد من يعاقب عدوه ومن ظلمه في جزئية ما جعله أملا وتفاعل معه.
وهذا تفسير لتفاعل الكثير من مواقف السنة مع ضربات الشيعة للدول السنية.
لأنهم فقط فقدوا الأمل بدول السنة. وتجد هذه المواقف ممن كان من أكبر المناضلين والمادحين لهذه الدول ومن أكثر الأعداء للمشروع الشيعي.
لهذا يستغل من يحمل المشروع الموحد والواحد
من ليس له من يحمل مشروعه
إن من أهم ما يهيج العاطفة للجمهور السني
الاضطراب في الموقف السني
وصل إلى الموقف العدمي
أو المضاد لقضايا الأمة المحورية كالقضية الفلسطينية.
وطبيعي أمام هذا الفراغ يأتي حملة المشاريع المختلفة لملء الفراغ.
وكان للمشروع الشيعي حضورا لا لعيون المشروع السني.
بل إن موقفه نابع فقط وحصرا فيما يخدم هدفه الوجودي والديني والتاريخي الكبير والوحيد هو
أن يكون بديلا عن المشروع الحضاري السني.
ولا يمكن إلا بإنهاء المشروع السني أو إضعافه وتفتيته على الأقل.
وتدخله في غزة لن يخالف هذه البوصلة.
لذلك كان تدخله بالأساس خادما للمشروع الشيعي العالمي قبل كل شيء
وإن قدم للآخرين ودعمهم ففي هذا الإطار.
فبعد انتهاء حرب غزة
يكون المشروع السني على مستوى الدول قد حقق خسائر فادحة أمام الله والتاريخ والشعوب وأمام المعادلة الدولية التي تتشكل.
وتكون المقاومة في فلسطين
قد رأت بأم عينيها خذلان تلك الدول لها
وهذا ينعكس على أي قرارات قادمة تتخذها المقاومة في فلسطين
لقد علمت المقاومة علم اليقين أنها خذلت من المحيط السني السياسي
ومن هنا لا بديل إلا من يدعمها بأي دعم.
فيجدون المشروع الإيراني حاضرا
ولو بمستوى لا يصل للمأمول
لكنه شيء أمام لا شيء. على الأقل. فضلا عن مواقف عدائية صريحة.
ويكون المشروع الشيعي بعد غزة في موقف القيادة والحاضر في الجغرافيا جوا وبرا وبحرا.
سيخرج وقد استثمر الفرصة بكل أبعادها الشعبية والعسكرية بل والدولية.
مستثمرا الخلاف الدولي لتمده روسيا ومحورها بالسلاح النوعي والذي يحدث توازنا في العالم بين المعسكرين.
والدعم السياسي الدولي أمام العالم ومجلس الأمن.
......
إن الرد على الكيان الصهيوني ليس إلا دفاعا عن النفس بما يبيض وجه إيران سياسيا.
وليس من العقل أن تدخل إيران في حرب مفتوحة ضد إسرائيل
ونقصد بالعقل هنا العقل الشيعي.
لأن هذا ليس من صالح مشروعها
لأنه حينئذ سيخدم المشروع الحضاري السني.
ولأنه ليس من أصول شريعتها
ولا سياساتها.
ولا يخدم السياسة الدولية.
إن تعاملها في الرد نابع من السياسة كأي دولة يعتدى عليها.
وهذا ما لا يوجد اليوم في دول الجغرافيا السنية على الأقل فحتى لو اعتدي عليها لن ترد.
وتجد من يسمي ذلك مسرحية.
وحتى لو كانت فهي مسرحية ناجحة أمام الجمود والسلبية والانبطاح فقوموا بمثلها
لأن المسرحيات هي في الأخير فعل في أرضية مسرح معين.
وأنتم إذا وبلا شك أرض المسرح التي تدوسكم فعالياتها المختلفة والدائمة.
أنتم خشبة المسرح الجغرافي لهذه المسرحية الدولية إن كانت هناك مسرحية كما يحلو لكم تسميتها.
إن الرد الإيجابي والشرعي المطلوب أن تجتمع الكلمة لإحياء المشروع السني
من كل أطيافه وفئاته وعلمائه ودوله.
وهذا هو الذي يمثل إحياء لمشروع الإسلام الحضاري.
ولا حل غير هذا.