وقعت الأمم المتحدة اتفاقية وخارطة طريق مع المليشيات الحوثية في أبريل 2022م لمنع تجنيد الأطفال وانتهاكات الأطفال، وبدلاً من تنفيذ الخارطة والاتفاقية والتوقف عن تجنيد الأطفال وسفك دمائهم في الجبهات وتدمير حياتهم ومستقبلهم، استغلت الدعم الكبير المقدم لها من المنظمات الأممية تحت لافتة منع انتهاكات الطفولة وتجنيدهم، ومضت في انتهاكاتها وضاعفت من تجنيد الأطفال عبر المدارس والمراكز الصيفية، وتفاخر بنشر الفيديوهات لمراكز التدريب العسكرية وتلقيهم دورات استخدام السلاح في الساحات وداخل الفصول الدراسية، في تحدٌ للمجتمع الدولي، وهو ما وثقته وأكدته كل التقارير الدولية والمحلية وتقارير الخبراء، ويشكل الأطفال أكثر من 65% من مقاتليها، لتزيد من معاناة ومآسي الأطفال في اليمن.
عشر سنوات مضت على الانقلاب على الدولة في اليمن واندلاع الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الإرهابية، ومحاولة تجريف هوية اليمنيين وزرع الطائفية والتمييز العنصري وهدم مؤسسات الدولة ومحاربة التعليم ونهب المرتبات وتجويع المواطنين وتجنيد الأطفال وقمع الحريات والرأي الآخر.
حاولت - ولاتزال - مليشيا الحوثي بكل الطرق والوسائل تغيير هوية الشعب اليمني الوطنية والدينية عبر الدورات الطائفية، وحشد الناس والموظفين والطلاب وإجبارهم وتهديدهم لحضور مناسباتهم السلالية والطائفية التي لا تعني اليمنيين، وتدمير مؤسسات التعليم وإذلال رموزه وتغيير المناهج، وإقامة مراكز صيفية كمنصات ومعسكرات تدريب لتجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العسكرية، لكن كلها باءت وستستمر بالفشل الذريع.
ترصد المليشيات كل عام مليارات الريالات لحشد الطلاب والأطفال إلى مراكزها ومخيماتها الطائفية لغسل عقولهم بالعنف والتحريض وسلخهم من هويتهم الوطنية والدينية ليكونوا اتباعا لفكر طائفي لتنفيذ مخططات إيران التدميرية، وتنفق مليارات الريالات في كل مناسبة طائفية، في الوقت الذي يعاني فيه كوادر التربية والتعليم وجميع موظفي الدولة من نهب المرتبات طوال تسع سنوات ويعيش كل فئات المجتمع حالة لا تصدقه من الفقر والعوز والحاجة، وأوصلوا اليمن إلى حافة الهاوية بحسب تقارير منظمات الأمم المتحدة.
تعتقد مليشيا الحوثي أنها تستطيع العودة باليمنيين إلى زمن التخلف والجهل والمرض وإلى زمن الإمامة والعهود الغابرة لفرض أجندتهم وخرافاتهم الطائفية من خلال فرض عزلة كاملة عليهم وغياب كل الوسائل للعلم والمعرفة سوى راديو الإمامة ونشر سياسة القطرنة، اليوم، الأمر يختلف كلياً ونحن نعيش في فضاءات مفتوحة ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التليفزيونية والإذاعات والثورة التكنولوجية الهائلة التي أوجدت حالة كبيرة من الوعي المجتمعي بخطر الطائفية والسلالية والإمامة الجديدة، ومعظم من تلقوا دورات تابعة للمليشيات خرجوا ليلة السادس والعشرين من سبتمبر بالآلاف يهتفون بالروح بالدم نفديك يايمن ويتغنون بالنشيد الوطني ويعزفون الأغاني الوطنية ويرفعون العلم الجمهوري الذي داست عليه المليشيات، وصمدوا أمام الاعتداءات والاختطافات والإخفاء القسري والانتهاكات.
هناك عزوف كبير وإعراض من إلحاق الأطفال في المراكز الصيفية الحوثية والوعي الشعبي يتنامى كل يوم، وهي تحية نوجهها لكل أبناء اليمن في مناطق الحوثي المحافظين على أطفالهم من خطر المليشيات والرافضين لسياستهم التدميرية والتمييز العنصري والحق الإلهي في الحكم، وأمام الرفض الواسع وتغطية لفشل الانخراط في مخيمات الحوثي الطائفية تلجأ المليشيات لسياسة التضليل والمغالطة وإعلان أرقام كبيرة ومبالغ فيها لاستقطاب الأطفال ونزول ميداني القيادات الحوثية وصنع دراما وصور وفيديوهات معاكسة للواقع والميدان.
وهذه الحقيقة ليست تخديراً فالخطر يبقى قائما ولو التحقت أعداد قليلة من الأطفال الملتحقين بهذه المراكز الحوثية، وضرورة استمرار ورفع حالة التوعية عبر كل الوسائل والمنصات الإعلامية والإلكترونية، وكشف وتعرية المليشيات الحوثية وأهدافها الخبيثة التي تعمل على طمس هوية المجتمع اليمني وهدم كل قيم السلام والتعايش السلمي والثوابت الوطنية، وعلى الحكومة وضع برامج إستراتيجية لحماية الأطفال والمجتمع بشكل عام في الداخل، وإلا فسنكون أمام خطر داهم، وتهديد حقيقي وعائق أمام التنمية والسلام في اليمن والمنطقة بشكل عام.