رحم الله الشيخ عبدالمجيد الزنداني، الذي ظل حاضراً لأكثر من نصف قرن في المجال العام، محليا وعربيا وعالمياً، كداعية وسياسي ومربي يمضي اليوم إلى ربه في مدينة إسطنبول، بعد حياة طويلة وحافلة بالكثير.
فقد عاش مالئ الدنيا وشاغل الإعلام، متقلداً في حياته عديد مناصب أهمها هي عضوية مجلس الرئاسة اليمني، وأسس في سبعينيات القرن الماضي هيئة الإرشاد كما ساهم في تأسيس المعاهد العلمية، وأخيرا جامعة الإيمان، وقبل هذا كله أسس هيئة الإعجاز العلمي العالمية في القرآن والسنة النبوية، والتي من خلالها حقق حضوره العالمي الكبير.
برحيل الزنداني، وهو آخر رموز الفترة الجمهورية، يكون قد أسدل الستار عن أهم مرحلة في تاريخ اليمن الحديث، حيث مثل الزنداني، أهم رموزها وهو أحد ثوار ثورة 26 سبتمبر، وصاحب أول برنامج عن الدين والثورة عقب ثورة سبتمبر من على إذاعة صنعاء، وكان بمثابة اليد اليمنى، لأبي الأحرار محمد محمود الزبيري، الذي استشهد والزنداني إلى جواره.
الرجل ممن تركوا بصماتهم كبيرة في المشهد اليمني على مدى عقود ما بعد ثورة 26 سبتمبر، له إنجازاته وله إخفاقاته، له إيجابياته وله سلبياته، كبشر يصيب ويخطأ في اجتهاداته الكثيرة والمثيرة، رحمة الله عليه.
وكم أجد بيت الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد بقوله: إن الكبيرَ كبيراتُ مدويةُ.. أمجادُه كبيراتُ مصايبه، تصف كل من يحققون حضوراً عاماً في حياتهم، مما يجعلهم دائماً محط أنظار الناس في كل شاردة وواردة.
كم أتمنى أن يكون قد دون سيرته الذاتية ومذكراته بيده، وترك شيء من تاريخ اليمن الذي كان الزنداني، أحد أهم رموزه في خلال الخمسين السنة الماضية على الأقل.
رحم الله الشيخ الزنداني، وعزائنا لأهله ومحبيه وذويه، وتلامذته ولليمن والعالم الإسلامي كله بهذا المصاب، وأسكن الله الفقيد فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.