انتقل الشيخ عبد المجيد الزنداني إلى رحمة الله بعد حياة حافلة بالعطاء..
لقد كانت بحق حياة مثيرة ومتميزة بشهادة المتفق معه والمختلف..
ولا يختلف اثنان على التأثير الكبير الذي كان لشخصية الشيخ الزنداني منذ أن كان شابا يافعا رفيقا لكبار الثوار ورجال الجمهورية أبرزهم الشهيد محمد محمود الزبيري الذي كان بمثابة تلميذه النجيب ومرافقه الملازم في أحلك الظروف وأخطرها.
وارتفع تأثير الشيخ الزنداني على المستوى الجماهيري حتى صار رجل الجماهير الأول بلا منازع وتحديدا في أواخر القرن الماضي حيث كان نجما شعبيا بتأثير طاغي.
يجمع المدينة ويفرقها بكلمة
وكلنا يذكر كيف كانت الشوارع تزدحم بالحشود بالقرب من المساجد والساحات لحضور الزنداني حيث كان مجرد الإعلان عن قدوم الزنداني إلى مدينة من المدن اليمنية يتبعه تدفق جماهيري للاستماع إلى الرجل الذي تميز بأسلوب جذاب يغلب عليه الحوار والإقناع الممتع.
شخصيا سمعت أحد خصومه السياسيين وهو شخصية معتبرة ذات يوم بصنعاء وبوجود كوكبة من الشخصيات السياسية وفي مقيل عبد الحميد الحدي على ما اذكر يقول: مع اختلافي مع الشيخ الزنداني إلا إنه ظاهرة غريبة في التأثير والتحشيد الجماهيري وما ينجزه كشخص في التأثير الجماهيري ممكن لا تنجزه مؤسسة مكتملة.
رافق الشيخ الزنداني في منتصف الستينيات رفيقه وزميله الشهيد عبد محمد المخلافي في مدينة تعز التي تعد بوابة الثقافة والسياسة وكانا بينهما حبا واحتراما وهما فرسان في القدرات والتأثير الجماهيري، وكثيرا ما كان الزنداني شديد الثناء لزميله الذي رحل مبكرا بعد وضع اللبنات الأولى مع رفاقهم لمشروع جمهوري يرتكز على هوية الشعب وقيمه وعقيدته يعلي من شأن الحرية والمساواة وقيم الدولة.
عمل في مجال وميدان التعليم. بالذات المناهج التعليمية من الأيام الأولى للثورة وتقلد في عهد الرئيس السلال والإرياني ومن بعدهما الحمدي مواقع مهمة ومتقدمة في مجال التعليم والتوجيه.
وكان كتابه الشهير التوحيد الذي قرر على طلاب المرحلة الثانوية علامة بارزة في تلك الفترة استجابة للتحديات الفكرية والعقدية التي عصفت رياحها على المنطقة التي تلاشت بوعي كل اليمنيين دون استثناء.
انخرط بالسياسة باعتبار السياسة وسيلة الثورة والتغير وفي ميدان الساسة لا يسلم أحد من الخصوم والصواب والخطأ فلا أحد لديه خاصية الكمال.
وصل إلى أعلى هرم السلطة كعضو لمجلس الرئاسة بعد الوحدة.
وبفضل الوحدة فتح باب الحوار المباشر بين اليمنيين على مصراعيه ليجتمع أعداء الأمس الذين كان لقائهم على طاولة واحدة بعيد المنال التقوا كأبناء وطن واحد في حوار راقي لخلافاتهم وقواسمهم المشتركة دون أن يفسد الخلاف لهم مؤدة،
وكانت هذه أهم أمران الوحدة الطيبة ورياحها الواقع للأرض المباركة.
وكان للزنداني دور في هذا الباب مع رجالات السياسة اليمنية بفضل الوحدة المباركة والتي أنهت القطيعة وإعلان الأحكام المسبقة وبقيادة مجلس الرئاسة (مجلس الوحدة) شاهدنا قادة اليمن على طاولة حوار واحدة ومقيل واحد وصف واحد لنرى عمر الجاوي والذارحي وصعتر والشحاري وقحطان وجار الله وعبد الباري طاهر والأصبحي والعنسي والكثير من قادة اليمن من كل الأطياف اكتشفوا أنفسهم بالحوار وأن قواسمهم ألمشتركة واسعة سعة اليمن وتحتاج فقط إلى مزيد من التجرد والحب للوطن يمكنهم من توظيف للقاسم الوطني المشترك وحسن إدارة للخلاف وهو ما نحتاجه اليوم وكل يوم.