أتذرفُ العينُ دمعاً أم تفيضُ دَمَاً
مُذْ جاءَ نعيُكَ يا علامةَ العُلَمَا
قد كنتَ يا سيدي شيخاً لنا وأباً
على فراقكَ قلبي يكتوي أَلَمَاً
حملتَ همَّ بني الإسلام قاطبةً
وكنت في عصرنا بين الورى عَلَمَاً
وصرتَ للعلمِ والإعجازِ مدرسةً
يرتادها من أثار العزمَ والهِمَمَا
بكَ العقيدةُ والإيمان قد رسخا
فكم نضاهي بكَ الأقطارَ والأُمَمَا
حباكَ ربُّكَ عقلاً قد سموتَ بهِ
على الفطاحلِ والحُكَّامِ والحُكَمَا
وكنت كالمثل الأعلى لأمتنا
غرستَ في جيلنا الأخلاقَ والقِيَمَا
تركتَ فينا فراغاً ليس يملؤُهُ
من بعدِ موتكَ آلافٌ من العُلَمَا
آهٍ على شيخنا (عبدالمجيد) وما
للفكرِ عذرٌ إذا لم يُسعفِ القَلَمَا
لكي يصوغَ عباراتِ الرثاءِ لهُ
مُعَلَّقاتٍ تطوفُ الحِلَّ والحَرَمَا
وتغتشي أرضَ (استنبولَ) ممطرةً
على ثراهُ الطهورِ الغيثَ والدِّيَمَا
وتستحثُّ بني الأقيالِ من (سبأٍ)
على استعادةِ مُلْكٍ صار منقسماً
تعيدُ حكمةَ أجدادٍ يمانيةٍ
لنستعيدَ على منوالها (إِرَمَا)
يا خيرَ شيخٍ وأُستاذٍ وداعيةٍ
بهِ نفاخرُ منا العُربَ والعَجَمَا
ما ضرَّ شخصَكَ أقزامٌ تطاولهُ
وقد علا في سَمَا عليائهِ وسَمَا
فأعينُ السُّخطِ لا ترضى لها غَرَضَاً
سوى جلالة أهل الفضلِ والعُظَمَا
فلا تُبالِ بأجراءٍ لشرذمةٍ
تقول: جَدَّايَ إن قاما وإن جَثَمَا
عليك من رحمات الله ما نزلتْ
على ثرى صالحيِّ العصرِ والقُدَما
ما أومضَ البرقُ في شامٍ وفي يمنٍ
وأسبلَ المزنُ يسقي الأرضَ مبتسماً