عبثاً يحاول الحوثي أن يقدم نفسه كطرف صعب في معادلة الصراع الدولي القائم اليوم، على خلفية الحرب على غزة ويصدق نفسه أكثر كلما استجداه المجتمع الدولي؛ الكف عن قطع الطريق وأذية المارة.
ورغم كل مساحيق التجميل والعناية الفائقة بتلميعهم من قبل الغرب ومحاولة منحهم شهادة حسن سيرة وسلوك من خلال عدم تصنيفهم كجماعة إرهابية إلا أنهم سيبقون في ذهنية وذاكرة اليمني مليشيات مارقة ومتمردة.
يفشل الحوثي كثيراً في تقديم نفسه كممثل عن اليمنيين لأنه ببساطة يتعثر بسلوكه الميليشاوي ويؤكد على الدوام أنه مجرد عميل رخيص ومرتزق بلا قيمة يعمل وكيلاً لصالح دولة أجنبية.
لقد ساهم الاحتفاء المبالغ فيه من بعض المؤسسات الاعلامية العريقة لخطابات الحوثي الرتيبة والكئيبة وبيانات المهرج الميليشاوي يحيى سريع في إشباع غرور الجماعة وتسمين نرجسيتها.
وكنتيجة طبيعية لذلك التضخيم والنفخ الزائد بات المتحدث باسم الميليشيا يشعر كما لو أنه باتريك رايدر المتحدث باسم البنتاجون وأن العالم كله يترقب طلته وأنه بحاجة إلى إنشاء مكتب خاص للتعبير عن هرجه وتلك من سخرية القدر وسوء الطالع.
ما يعلنه الحوثي ما بين فترة وأخرى من إسناد لمعركة غزة يمثل بشكل أو بآخر إسناداً للعدو الصهيوني وخدمة ممولة لتخفيف الضغط عنه إذ أنه لا يتدخل إلا في اللحظات الحرجة والحساسة وتحديداً عندما تكون القوات الإسرائيلية في مأزق حقيقي.
ومن اللافت أن البيانات الحوثية لا تتزاحم إلا في أوج الانتصارات للمقاومة في غزة وعند ذروة الهزائم للعدو الصهيوني وكأن الهدف هو إلهاء الرأي العام وصرف الناس عن معرفة الانتصارات الحقيقة.
إن ما استفاده الحوثي من مكاسب خلال الحرب الحالية على غزة يفوق أضعاف أضعاف ما استفادته غزة من مشاغباته في البحر الأحمر، بل لا وجه هناك للمقارنة.
لقد حقق الحوثي مكاسب كثيرة ما كان ليحصل عليها لولا طوفان الأقصى الذي أنقذه من طوفان يمني كان على وشك الانفجار فقفز إلى مؤخرة سفينة المقاومة زوراً حتى تعصمه من أمر اليمنيين مع أنه لا عاصم له من ذلك.
لم يخدم أحد الكيان الصهيوني وداعميه كما فعل الحوثي حيث برر بأعماله الطائشة التواجد الأمريكي في المنطقة وجلب مزيداً من القوات الأجنبية في المياه اليمنية والإقليمية واستدعى قوات إضافية واستنفر وحشد العالم كله لحماية مصالح إسرائيل التي تجيد لعب دور الضحية على الدوام.
وبعيداً عن تصريحاته الإعلامية الجوفاء يتمنى الحوثي لحرب غزة أن تستمر طويلاً وألا تتوقف لما تمثله له من فرصة لتهريب مزيد من الأسلحة والثراء في المواد السامة والمساحيق المحرمة.
بكل وقاحة يستخدم الحوثي القضية الفلسطينية للتكسب غير المشروع وللمزايدة والابتزاز ولتسوية وضعه الداخلي من خلال تحسين شروط التفاوض عبر خارطة السلام الأممية.
ستتوقف الحرب على غزة في القريب العاجل وسيجد الحوثي نفسه مجبراً على إسدال الستار على مسرحياته السخيفة وتهريجاته المضللة.
الحوثي مستثمر رخيص في الدماء والأشلاء والدمار ولص لئيم يستغل قضايا الأمة الكبرى ليسوق نفسه ومستهلك كبير للبروباجندا والدعاية الرديئة ومنتج سيء لمواد بيع الوهم والخداع.
لقد وجد في حرب غزة فرصة وذريعة لقمع كل الأصوات المعارضة له فكل من ينتقد فساده أو يطالب براتبه يعتبر جاسوساً للعدو الإسرائيلي والأمريكي ويعمل لصالحهما.
بطريقة فجة وبراجماتية عبيطة وظف الحوثي حرب غزة واستغلها أيما استغلال لصالح مشروعه العنصري المقيت فانتقم باسمها من كل خصومه وحشد باسمها الأموال والأولاد كذباً وزوراً.
لقد مثلت له حرب غزة طوق نجاة ووفرت له عمراً إضافياً للمناورة والخداع وازاحلت عنه كابوساً مؤرقاً لسلطانه.
بقلق بالغ يترقب الحوثيون مصير الحرب في غزة ومستقبل ألعابهم النارية ولهوهم في البحر الأحمر وطرق الملاحة الدولية.
فمع تزايد الدعوات المطالبة بإيقاف الحرب على غزة يزداد القلق الحوثي أكثر مما هو لدى قادة الكيان الإسرائيلي بشأن اليوم التالي لما بعد الحرب.
وقلق الحوثيين من انتهاء الحرب في غزة مصدره خوفهم من العودة إلى مربع العزلة وإلى المواجهة المباشرة مع الشعب اليمني كله.
يخشى الحوثيون أن تتوقف الحرب في غزة فتنتهي معها مدة التنزه وفترة الاستجمام والاستراحة من ضغوطات الواقع والتزامات الحياة اليومية واستحقاقات الناس الملحة والضرورية في مناطق سيطرتهم.
تزايد حدة الخلافات بين قيادات المليشيا وتفاقم الأزمات وتضاعف المعاناة ينذر بثورة عارمة لا تبقي ولا تذر وهو ما دفع الحوثي لمحاولة تجنب تداعياته طيلة الفترة الماضية من خلال هروبه إلى حرب غزة.
تنتظر الحوثي إذن حروب شتى في مخدعه، منها حرب داخلية بين أجنحته المتنافرة وحرب مع شركائه في الانقلاب وحرب أخرى لا تقل ضراوة عن سابقاتها تتمثل في حرب الكرامة ويتجلى أبطالها في الجوعى والفقراء والمتعبون.