استطاعت مأرب خلال سنوات الصراع والحرب أن تفرض وجودها في المعادلة السياسية والعسكرية كحصن وحمى وملاذ لكل الأحرار في اليمن ليعيشوا فيها بكل حرية وكرامة بعد أن ضاقت بهم الأرض وتقطعت بهم السبل، ونجحت في احتواء وتوجيه الجهد الجماعي المقاوم لكل الفئات، وقدم الجميع على أرضها تضحيات جسيمة حافظت على مأرب وعلى مكتسباتها وسكانها.
وخلال سنوات الهدنة التي ترافقت مع إعادة تشكيل القيادة السياسية استمرت مأرب في تنمية وتعزيز حضورها في المشهد العام باستيعابها لجميع المكونات الوطنية وترحيبها بكل قيادات الدولة والجيش والعمل السياسي، وبذلك أصبحت منطلق لاستعادة وبناء الدولة، والبيئة الخصبة لعودة الحراك الثقافي والسياسي والوطني في مساراته الإيجابية.
هذا التحول الكبير في مأرب سياسياً وأمنياً وتنموياً واقتصادياً، يعد مكسب استراتيجي لمأرب خصوصاً ولليمن عموماً ومهم جداً الحفاظ عليه من خلال تعزيز وجود الدولة وحماية الحريات وبناء المؤسسات الحكومية والمدنية على أسس قوية وفق مبدأ الشراكة والكفاءة والولاء الوطني والفكر الجمهوري.
ومع كل ما سبق مهم معرفة من يريد إضعاف مأرب أمام أعدائها، ومن يتجاهل تضحيات مئات الآلاف من اليمنيين شهداء وجرحى في سهولها وجبالها، ومن يتنكر لرفاق السلاح وشركاء النضال والقضية، ويسعى بقصد أو بغير قصد لإدخال مأرب في جدليات وخلافات لن تجني منها سوى العزلة والضعف وتشتيت الجهود في مرحلة خطيرة جداً.
مؤخراً ذهب البعض للقول إن الخطر الحقيقي على مأرب من داخل مأرب وليس من خارجها، سواءً كانوا في مؤسسات الدولة أو من خارجها، وفي هذه الحالة يجب على قيادة المحافظة البدء بمراجعات وتقييمات شاملة تضمن إبعاد الفاسدين والفاشلين والخونة، وتمكن الرجال الشرفاء والأقوياء والأمناء، وتعيد صياغة منهجيات التمكين المؤسسي على قاعدة الولاء الوطني وليس الحزبي والفئوي، وتفعيل جهاز الرقابة المحاسبة.
وبالمناسبة من المهم إلا تتحول قضايا الفساد والمطالبة بالإصلاح إلى بازار لتصفية الحسابات ونسف كل المنجزات، بل يجب التعامل مع الأحداث بموضوعية وإنصاف بلا شخصنة ولا تجني، ودون تلميع أو تبرير أيضاً.
مأرب اليوم غير الأمس فقد أصبحت مدينة مركزية ومحورية محلياً وإقليمياً، ويجب أن تكون منطلق استعادة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها، وفق مبدأ الشراكة الإيجابية والكفاءة، والنزاهة والولاء الوطني، ومأرب كانت وستظل قلعة الجمهورية وقبلة الأحرار وتستحق الأفضل والأكفاء والأصدق.
تحية لمأرب وكل من في مأرب وللشرفاء في ربوع اليمن.