الولاية الحوثية ليست سوى محاولة مستمرة لإحياء تراث مزور بهدف سلب حرية الناس وكرامتهم. كما اخترعوا شخصية "ولد العسكري" وأدخلوه في السرداب، اخترعوا أيضًا فكرة الولاية لاستمرار الابتزاز الفكري والعقدي للجهال، وإخضاع الشعوب باسم "آل البيت".
كثفت الجماعات الشيعية من نشر الخرافة والأساطير الباطنية بهدف تماسك تنظيمهم واستمرار توارث الخرافات لإحداث تواصل بين أول الزمان وآخره ممثلًا بالوهم "ابن العسكري". لا تستطيع هذه الجماعات النقاش في النور أو مواجهة الحجة بالحجة. فعملية الحشد التي نشاهدها هي جزء من سياسة القطيع التي تقودهم باسم الدين والخرافة الدينية.
خرافة "آل البيت" المرتبطة بعلي والحسين ليست إلا محاولة متطفلة لزج فكرها، وذاتها المنبوذة في السياق السني، واتخاذ من علي رضي الله عنه والحسين، اللذين أدخلت حولهما من التقديس والهالة ما لم يكن لهما، وسيلة للقبول والتسلق علي مشاعرنا، مستغلين الجهل بالحقيقة، العواطف العمياء، هذا النهج يتسق مع أساليبهم في التزوير والدجل واستغلال الناس.
في زمننا هذا، لم يعد مجديًا البقاء في دائرة نقاش الفضائي حول حديث الولاية، وصحته، بل يجب علينا أن نتقدم إلى مربع أكثر تطورًا وفاعلية، وهو تجريم الاحتفال بهذا اليوم وتحويل هذا إلى مطلب شعبي في المحافظات المحررة، ينبغي أن يخرج الناس في مسيرات تعبر عن إرادتهم لرفع سلطة الأمة.
لابد إخراج النقاش من الجدل الديني الذي يمتلك الحوثي الكثير من أدوات تعزيزها في منطقة سيطرته، النقاش السياسي المرتبط بالإرادة الشعبية، والمبادئ الدستورية، فالشعب اليمني صاحب الولاية والإرادة، وكل إرادة تتعارض مع إرادات الشعب اليمن مصيرها الزوال، بل تعتبر انقلاب فكريا على إجماع اليمنيين الدستوري، ويجب اجتثاثه، فالثورات لا تناقش بل تجتث هذه فالنقاش متعلق بالمستقبل الوجودي لشعب يسكن الجغرافيا التي رسمت أبجدية الفعل السياسي تاريخا.
فالولاية ليست خلاف ديني في ساحة النقاش العلمي، بل هي اليوم منهج اجتثاث وجودي للإنسان ككيان قدسه الله وكرمة، ووسيلة لسرقة أموال الناس، ومصادرة إرادتهم وكرامتهم، وهي الأساس التي ناضلت لأجلها الشعوب، وضحت بالكثير من أجل التحرر منها وصورها المختلفة.
الدين لا علاقة له بما يروج له الحوثيون، والخوض فيه نقاشاً غرقاً في أوحل، فالتغيير يتطلب قوة وجرأة يجب أن نسبق من يستعبدون الناس بخطوات جريئة في معركة الوعي. الوعي ليس مجرد نقاش على فيسبوك، بل هو تحرك مجتمعي وقانوني.
نحن بحاجة إلى رؤية موحدة وتحرك فعلي لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وإعلاء قيمة الإنسان وحقوقه فوق كل اعتبار. لا يمكننا أن نبقى صامتين بينما تُسرق حريتنا وكرامتنا باسم تراث مزور، بل يجب أن نقف بحزم ونطالب بحقوقنا بكل قوة وشجاعة.
