لا شيء يقضي على أي قضية عادلة مثل محام فاشل يلحن بحججه أثناء مرافعاته عنها ولا يسيء أحد لقضية ما، كما يفعل مفاوض جاهل أو غبي لا يحسن تمثيلها خلال محطات التفاوض بل أن هناك خيط رفيع بين الغباء السياسي والخيانة الوطنية.
وكذلك الحال مع القضية اليمنية العادلة فلا يوجد من أساء لها اليوم وخذلها أكثر من بعض المتبنين لها والمنادين بها من داخل الشرعية.
أما بالنسبة للشرعية نفسها فلا يوجد من يسيء لها ويشوهها وينتقص منها أكثر من حلفائها إلا المتسلقين والمستجدين والطارئين والمحسوبين عليها زوراً وبهتانا.
ومن الواضح أن ثمة توجه أفرزته التغيرات الدولية والإقليمية يتمثل في محاولة شرعنة المليشيات الحوثية والاعتراف بها وهذا بطبيعة الحال سينسحب وينعكس سلباً على الموقف من الشرعية المعترف بها دوليا التي تتعرض بشكل مستمر لضغوطات كثيرة وابتزازات قد تتأكل معها بعض المكتسبات الوطنية.
ولذا فإن الشرعية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من التلاحم والتماسك والتوحد لان وجود شرعيات كثيرة ومتباينة لا يخدم المصلحة العامة بل يصب في مصلحة المليشيات الانقلابية وحدها.
يصدر المجلس الرئاسي قبل أيام قليلة وهو بالمناسبة الصيغة الأخيرة المتفق عليها لشكل الشرعية التي تعرضت ولا تزال لتحديثات كثيرة؛ توجيهات وقرارات ثم يقف عاجزاً عن الانتصار لها بفعل الحسابات المتعددة والإملاءات الخارجية.
إن الشرعية التي لا تحترم قراراتها ولا تنتصر لها لا تنتظر من الآخرين احترامها والانتصار لها.
آخر تلك القرارات والتوجيهات الرئاسية المخذولة من الرئاسي نفسه تتعلق بتعليق المفاوضات مع المليشيات الحوثية إذا لم تفرج عن السياسي محمد قحطان أو تكشف عن مصيره على أقل تقدير بحسب توجيه مكتب رئاسة الجمهورية.
وفي الوقت الذي امتثل فيه رئيس الوفد الحكومي هادي هيج ومعه ممثل المقاومة والجيش الوطني في مأرب حسن القبيسي للتوجيهات الرئاسية واعلنا مقاطعتهما لجولة المفاوضات الجارية في مسقط؛ هرول بعض المشاركين والمنتفعين من المفاوضات السابقة و المستعجلين في التصالح مع الحوثي والمندفعين بحماس لتطبيع الحياة معه مستغلين غياب اهم مكونات الوفد الحكومي التفاوضي للذهاب نحو جولة المفاوضات والقفز على توجيهات المجلس الرئاسي.
وللأسف الشديد أن الفريق الذي لعب دور ممثل الشرعية في جولة التفاوض أو بالأحرى جولة الفوضى الجارية في العاصمة العمانية مسقط سقط سقوطاً مدوياً نتيجة تجاوزه للمبادئ العامة والخطوط العريضة المتفق عليها من الصفقة السابقة والمتمثلة في عدم الذهاب نحو أي مفاوضات إلا بعد زيارة محمد قحطان ومعرفة مصيره.
لقد وقع فريق التفاوض المستعجل في مصيدة الأغبياء وفي كمين الحوثيين وأصبحوا أسرى الرواية الحوثية الغامضة فيما يتعلق بمصير السياسي المختطف محمد قحطان.
السقوط الأخلاقي للحوثيين فيما يتعلق بمصير السياسي قحطان وخصوصا في جولة الفوضى الأخيرة بمسقط ليس غريبا عليهم فهو طبع لا ينفك عنهم وسلوك تطبعوا عليه طيلة سيرتهم ومسيرتهم.
لكن كيف يتساوق فريق يدعي تمثيل الشرعية مع هذا السقوط الأخلاقي ويعلن بسذاجة عن خيارات ثمن صفقة قحطان بناء على افتراضات واحتمالات حوثية دنيئة وغير إنسانية ولا أخلاقية.
هل لان معيار النجاح بالنسبة لهواة التفاوض هؤلاء هو التوصل إلى أي اتفاق مع المليشيات الحوثية بأي صيغة كان وكيفما اتفق ودون قيد أو شرط وبأي ثمن ولو كان حتى ثمناً بخسا.
أم أن الفريق المحسوب على الشرعية حريص جدا على عدم تفويت فرصة اعتمادات وامتيازات السفريات ورحلات تغيير المزاج في الدول المستضيفة لجولات التفاوض.
ولان فاقد الشيء لا يعطيه فلا يمكن لمفوضات كهذه أن يكتب لها النجاح لسبب بسيط أن الفريق المفاوض باسم الشرعية لا يمتلك أي تفويض للحديث باسم قحطان وبيان أسرته أكد على ذلك، ولأنه كذلك وهذا المهم لا يمتلك أي أسير للمبادلة به لذا فأي وعوده ستكون على طريقة اعطى مالا يملك لمن لا يستحق.