يحرص الغربي على تشويه غيره ما سنحت له الفرصة بذلك، فيدأب على خلق صورة نمطية مغايرة للحقيقة! فيصور الشرقي بالمتخلف، وحضارته متصلة بالغربي أبدًا، وأن العربي يتأثر ولا يؤثر، ويقلد ولا يبتكر، فهو ليس أكثر من بدوي، صادفته الطبيعة بحقول النفط الواسعة!
- وكذا الحال نفسه مع الصيني، فهو إنسان متوحش يأكل الزواحف والحشرات، ويشاركه الكوري في ذلك، بالإضافة إلى طغيانه الشديد، بل والأعجب من ذلك استطاع الغربي رمي إجرامه وكل خطيئاته بغيره! فتجده مثلًا؛ يصور رئيس “كوريا الشمالية“ (كيم) كرئيس ظالم مستبد، بل غبيٌ ومجنون! فهو يُحرم شعبه الحقوق، ويمارس عليه كل أنواع الجبروت، وأن بلده فقيرٌ بسببه؛ لا بسبب حصارهم وتكالبهم عليه!
- وأن حال العربي صنيعة نفسه، وتخلفه بسبب دينه، وجهله بسبب ثقافته وموروثه، وأنهم يسعون لتخليصه من واقعه بإرسال مندوبيهم لحلحلة مشاكله! وبعثاتهم لتطويره وتحضيره، ومنظماتهم لتعليمه وانتشاله من براثن الجهل والتخلف؛ إلى ميادين العلم والتحرر! مع إن مسألة تخلف الأمة وجهلها مسألة نسبية، وليست كما يصورونها!
- وأنهم (أي الغربيين) خِلافنا، وعكس الصينيين والكوريين! فهم ودودين، يحترمون الآخر، ويتقبلونه، ويعطونه من الحرية الكثير والكثير! فبلدانهم تَقبل اللاجئين، وحكوماتهم توزع المساعدات شرقًا وغربًا!
- وهكذا يصر إعلامهم؛ ومن تأثر به من إعلامنا الممول، على توطين هذه التصورات والأفكار، وتحويلها إلى معلومات صحيحة، وحقائق ثابتة، ومُسلمات من العيب التشكيك فيها!
- بينما الحقيقة تقول إن الأجرام كله يبدأ بالغربي وينتهي إليه، فهو من ينهب ثروات أفريقيا، ويغتصب نفط الخليج! ويحتل البلدان المخالفة لنهجه باسم الإرهاب! ويمارس الضغوط لتمرير مخططاته! ويتدخل في كل كبيرة وصغيرة فارضًا أفكاره.
ولا يكتفي بهذا فحسب! بل يتواطأ مع الطغاة، ويدعم المستبدين، ويحمي الفاسدين مقابل سلامة مصالحه! وينشر الفحش والعهر وكل ما من شأنه يدر بالربح عليه! ويستقوي بالمعونات والمنظمات لتمرير أجنداته، جاعلًا من العالم مستعمرة كبرى، وسوقًا ضخمًا لشركاته عابرة الحدود!
- أما “كيم“ -ونضعه على سبيل المثال لا الحصر- فهوَ وإن كان مستبد إلا أنه بين شعبه وقد رضيَّ به، ولم يغزو العالم، ولم يفرض رأيه على غيره، فلم تتأذى منه “العراق“، وما تألمت منه “أفغانستان“، ولم تأن منه “الصومال“، ولم يعطي أرض غيره لغيره، وما احتل ثروات أحد، ولا تدخل في شأن أحد!