في كل مرة يقترب اليمنيون من حسم معركتهم مع المليشيات الحوثية يتدخل المبعوث الأممي لإنقاذها في اللحظات الأخيرة تحت يافطات إنسانية مخادعة وشعارات حقوقية كاذبة.
ودائماً ما يظهر قلق المبعوث الأممي وحرصه على بسطاء اليمنيين عندما يكون الحوثي في ورطة حقيقة ومأزق فعلي.
من جمال بن عمر مروراً بولد الشيخ ثم غريفث وصولا إلى هانس لم يتغير السلوك الأممي المتباطئ في حلحلة الأوضاع في اليمن والمتواطئ مع المليشيات الحوثية ضد اليمنيين.
فمن اتفاقية السلم والشراكة إلى اتفاقية ستوكهولم حتى خارطة الطريق التي يتم تسويقها والترويج لها اليوم كلها مساعي أممية تنتقص من تضحيات اليمنيين وتبقي على المليشيات الحوثية كقوة أمر واقع.
يغيب البسطاء والفقراء والمعدمون والمتعبون والنازحون والمهجرون من مشاعر المبعوث الأممي كثيراً ولا يحضرون إلا نادراً ومن قبيل ذر الرماد في العيون.
يفتقد اليمنيون إنسانية الأمم المتحدة عندما يمارس الحوثي بحقهم أبشع الجرائم الإنسانية وأفظع الانتهاكات الحقوقية.
لا يشعر اليمني بوجود الأمم المتحدة الأمم المتحدة إلا عندما تتعرض المليشيات الحوثية لتهديدات حقيقية ومخاطر وجودية.
أين كانت إنسانية الأمم المتحدة والحوثي يصدر وينفذ أحكام الإعدام بحق العشرات من الأبرياء من أبناء تهامة؟
وأين كان حرص الأمم المتحدة على الاقتصاد اليمني عندما كان الحوثي يستهدف المنشئات الحيوية ومصافي النفط ويستولي على موارد الدولة وينهب البنوك.
وأين كان الضمير الأممي عندما كان الحوثي يغلق الشركات المصرفية ويصدر القرارات بحق القطاع الخاص والتجار في مناطق سيطرته؟
صحوة الضمير الأممي في هذا التوقيت ليست بريئة أبدا لأنها تخدم المصالح الحوثية بدرجة رئيسية.
ما كان للحوثي أن يستمر كل هذه المدة لولا استمرار العبث الأممي بمصير اليمنيين ومساهمتها في تسمين وتضخيم عدوهم.
المطالبة بتأجيل قرارات البنك المركزي اليوم من قبل العابث الأممي تؤكد مدى فاعلية وتأثير ونجاعة تلك الإجراءات في إيقاف عبث الحوثيين بمستقبل اليمن واستخفافهم بحياة اليمنيين.
إن أي تراجع اليوم عن تلك القرارات التي تأخرت كثيراً يعتبر انتحاراً سياسياً للحكومة والمجلس الرئاسي وانتكاسة سيدفع الجميع ثمنها.
ما الذي حققه المبعوثيين الأمميين حتى اليوم في اليمن غير تمييع القضية اليمنية وتطويل أمد الصراع والسعي لشرعنة المليشيات وملشنة الشرعية.
صفقات التبادل للأسرى والمعتقلين التي يتفاخر بالإنجاز فيها المبعوث الأممي الأخير هانس ما تم منها من قبل بعض الشخصيات والوسطى المحليين أكثر مما أنجزه المبعوث الأممي بكل إمكانيات الأمم المتحدة وسلطاتها.
لقد عجزت الأمم المتحدة عن معرفة مصير السياسي محمد قحطان فضلا عن الانتصار لقراراتها المتعلقة بالإفراج عنه.
يتجاوز المبعوث الأممي صلاحياته كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة مهمته الأولى والأخيرة الوساطة لحل النزاع والتوفيق بين الفرقاء اليمنيين إلى تقديم التوجيهات وإصدار الأوامر للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا والمجلس الرئاسي المتوافق عليه يمنياً.
تدخلات المبعوث الأممي السافرة تعكس مدى التردد والتلكؤ الأممي في دعم الشرعية والإصرار والحرص على بقاء الحوثيين واستمرارهم كمنصة صواريخ لتهديد دول المنطقة وقوة تحمي المصالح الغربية في اليمن.
وما لم تكن هناك مناصرة شعبية اليوم لقرارات البنك المركزي والتفاف جماهيري لدعم وتأييد الشرعية فلا غرابة إن تحولنا إلى متمردين وانقلابيين وأصبحت المليشيات الحوثية الطرف الشرعي في نظر الأمم المتحدة.