بعيداً عن الحديث حول الفساد الذي ينخر جسد الشرعية والذي تبدو فيه الاعتمادات المالية بكل مسمياتها للمسؤولين خارج الوطن أقل مظاهره وأضعف صوره.
تبدو الحاجة إلى مناقشة إعاشة الشرعية وإعادة الحياة لها اهم بكثير من مناقشة شرعية إعاشة بعض لها المسؤولين فيها والمحسوبين عليها على الأقل في الوقت الراهن .
حاجتنا اليوم إلى إنعاش الشرعية والعمل أن تبقى قوية ومتماسكة في مواجهة التحديات والمخاطر والمهددات التي تستهدفها محلياً وإقليمياً ودولياً أكثر من أي وقت مضى .
لا يخفى على أحد المساعي الأممية التي تسعى لتقزيم الشرعية وتفريخها وتفريغها من محتواها والتي يتولى كبرها المبعوث الخاص للأمين العام في اليمن من خلال خارطة الطريق التي تهدف إلى شرعنة الميليشيات الحوثية .
لا أخطر من فساد الإعاشة إلا إشاعة الفساد وللأسف أن الإشاعة باتت أكثر شيء يعتاش ويقتات ويسترزق من مصالحنا و أوجاعنا ومآسينا وآلامنا اليوم .
ما إن يحصل حدث مهم أو يتم اتخاذ إجراء صارم وقرار حكيم في سبيل تقوية الشرعية واستعادة البلد حتى تبدأ مطابخ الإشاعات الحوثية في العمل والانتعاش .
ومن المؤسف أن أغلب الألسن التي تتلقف تلك الإشاعات الحوثية وتلوكها وتنشرها هم من غير المؤمنين والمقتنعين بها وبمصادرها .
ويبقى السؤال دائما وأبداً لماذا ينجر الكثير من المؤمنين بالشرعية وراء الشائعات التي تنال منها وتنتقص من رجالاتها وتشكك في مشروعيتها .
من الواضح أن الكثير يقع في فخ الخديعة نتيجة للاندفاع الطائش والحماس الزائد الذي يحوله من متلقٍ للإشاعة إلى ناقل لها ومروج دون أن يشعر بذلك .
في حين يبتلع البعض الطعم وينشر الشائعة ويرددها تحت تأثير سحر الترندات والهاشتاجات دون أن يفرق بين ما هو حقيقي وبين ما هو دعاية وإشاعة.
تسريب بعض ملفات الفساد ونشر بعض القضايا والمواضيع الجانبية في أوقات الحسم دائما ما تأتي بهدف الالهاء وصرف الاهتام إلى جوانب ثانوية وهامشية أو ليست ذات جدوى .
الشرعية ليست شريعة الله ولا هي الحاكمة بأمره في اليمن وإنما هي مجرد خليط ومزيج من المصالح المتنوعة والمشاريع والبرامج المتباينة التي يفترض أن مصلحة اليمن هي من وحدتهم وأن هموم اليمنيين هي من جمعتهم وإلا فقدوا مشروعيتهم وخسروا ثقتنا بهم.
لسنا هنا في مقام التبرير لفساد الشرعية ولا لتسويق فكرة القبول بمساوئها لأنها آخر قشة يتشبث بها اليمنيون.
تستمد الشرعية مشروعيتها في المقام الأول من ثقة الشعب بها واصطفاف الأحزاب والمكونات والكيانات خلفها ومن الاعترافات الدولية بها كواجهة سياسية ونظام انتقالي يمثل اليمن ويتحدث بلسانها وما دون ذلك ستبقى مثلها مثل أي ميليشيات أخرى.