بكل إصرار تحاول المليشيات الحوثية إقناع العالم بأنهم رجالات دولة فيما تعجز قيادات الشرعية المعترف بها دولياً أن تثبت لمواطنيها فقط ولو لمرة واحدة أنهم كذلك.
تماماً كما تستقبل الوفود الرسمية بين الدول، بذات البروتوكولات المتعارف عليها دبلوماسياً يتم استقبال ناطق المليشيات الحوثية في إيران كممثل لليمنيين ويا له من عار.
اللافت في الأمر كيف يتقمص الحوثيون الدور ويصدقون أنفسهم وهم يمثلون دور نظامهم الطائفي بينما تفشل الشرعية في مجرد التمثيل في تمثيلنا.
سيكتشف اليمنيون مؤخراً أن إلغاء قرارات البنك المركزي ليست سوى قرابين في سبيل التقرب من المليشيات الحوثية وسيدركون حين يفيقون من هول الصدمة أنهم أمام تنازلات وتراجعات كبيره تنتقص من نضالاتهم وتضحياتهم وأن إلغاء القرارات ليست سوى رأس الجليد وأذن الجمل في خارطة الطريق المفخخة.
وتتجلى بعض ملامح خارطة التيه سيئة السمعة من خلال المساعي الأممية المستميتة والصفقات الإقليمية الخاسرة التي تعطي الدنية في شرعيتنا لصالح المليشيات الحوثية الانقلابية.
وفي ظل تلك الجهود الرامية لاحتوائهم وتطبيع العلاقة معهم والعمل على شرعنتهم والاعتراف بهم كسلطة أمر واقع يعمل الحوثيون لإثبات أحقيتهم بهذا الاعتراف من خلال استغلال القضاء لتنفيذ سلسلة من الانتهاكات والجرائم بحق اليمنيين في مناطق سيطرتهم.
وتأتي في مقدمة تلك الانتهاكات والجرائم التي يقدمها الحوثيون كإجراءات بناء الثقة للمطبعين والمتقاربين معهم ما يقومون به من محاكمات غير قانونية للمئات من المختطفين والسجناء والحكم بإعدام العشرات منهم.
سيستغل الحوثي بالتأكيد الرغبة الأممية والإقليمية في خطب وده وسيلتقط مبادرات مراضاته وإغراءات تطييب خاطره وسيجدها فرصة لتبرير وتمرير العديد من حملات التصفيات الجسدية بحق خصومه والمناوئين له ولن يجد من يعترض على ذلك.
هرولة الحوثيين إلى إيران ولقائهم بالرئيس الإيراني المنتخب قبيل ساعات من تنصيبه وتأديته اليمين الدستورية يعكس حجم التبعية لإيران ويؤكد أن كل محاولات تحييدهم وإعادتهم إلى الحضن العربي ستبوء بالفشل وأن أي تقارب معهم ما هو إلا لتوسيع مساحة البعد والنفور.
سيقدم الحوثي الكثير من الأبرياء والضحايا قرابين في خدمة التقارب والتصالح مع أعداء الأمس وسيعدمهم وللمفارقة بتهمة التعاون مع أصدقاء اليوم.
وسيذهب إلى تنفيذ الإعدامات الميدانية للأبرياء والضحايا من المعلمين والتربويين والسياسيين والناشطين مستغلاً حرب غزة ليواصل استثماراته الدنيئة واللئيمة وهو يبرر جريمته بتهم كيدية للضحايا كالجاسوسية لإسرائيل والعمالة لأمريكا.
ومن المؤسف أن هذه الجرائم ستنطلي على الكثير من المخدوعين وستقدم الحوثي كعدو للإسرائيليين والأمريكان وستحول الأبرياء والضحايا إلى مجرمين يستحقون الإعدام.
يسعى الحوثي من خلال تنفيذ هذه الإعدامات إلى تقديم نفسه للعالم كسلطة تتحكم بالمشهد وتسيطر على الأمور وتطبق القانون وتحتكم للقضاء وبجانب هذه الرسالة سيحقق هدفين آخرين الأول هو التخلص من خصومه لا سمح الله وإذا لم ينتفض المجتمع ضد هذه القرارات والتي يسعى الحوثي من خلالها إلى إرهابه وهذا هو الهدف الثاني.
ولإنهم على مدى قرابة عشر سنوات منذ سطوهم على الدولة ومؤسساتها في البلاد لم يستقر لهم قرار ولم يهنؤوا بساعة من نهار في حكم اليمنيين، فلا يمكن أن يكونوا دولة وحتى لو اعترف العالم كله بهم، سيبقون في نظر اليمنيين مجرد مليشيات طائفية لا أقل ولا أكثر.