عادة ما يحتاج الناس إلى بعضهم لتجاوز الظروف القاسية والمواقف الخطرة والأحداث الصعبة التي تمر عليهم في الحياة.
وتزداد حاجتهم لبعض مع حدوث الكوارث الطبيعية المدمرة والتغيرات المناخية التي تفوق قدرتهم على تحملها وتجاوزها أو التعاطي معها.
ورغم ما مرت به اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث ومن ظروف بالغة القسوة وأحداث مؤلمة إلا أن اليمنيين لم يغادروها بشكل جماعي الى دول الجوار بل نزحوا منها واليها وآوى بعضهم بعضا.
تؤكد الإحصائيات الأولية لأضرار وضحايا السيول والفيضانات الأخيرة في تهامة هول المصيبة وفداحة الخسائر في الأرواح والممتلكات.
ورغم أن حجم الكارثة يتجاوز القدرة على الاحتواء والمأساة تفوق إمكانية احتمال الوجع إلا أنه يمكننا التخفيف من وطأتها بتدخلات إنسانية حقيقية.
ولا يمكن أن تكون هناك تدخلات إنسانية حقيقية وملموسة ما لم تكن هناك تقييمات حقيقية للأضرار والخسائر ومراعاة الأولويات في نوعية الاستجابة الإنسانية.
لا يحتاج المنكوبين من السيول والفيضانات في تهامة إلى سلات غذائية فقط، بعد أن فقدوا مساكنهم وبيوتهم ومزارعهم ومواشيهم وسياراتهم ومصادر دخلهم.
السلات الغذائية على ما تمثله من أهمية هي بمثابة إسعافات أولية لا ينبغي أن تكرس كل جهود الإغاثة عليها لان التهاميين كما عرفوا عبر التاريخ يمكن أن يتقاسمون مع بعضهم قوت يومهم وان يجودا بما لديهم من فتات بعكس بقية المتطلبات الإنسانية الأخرى كالإيواء وغيرها التي ليست في متناولهم.
وفي كل دول العالم يتم الاستفادة الأخطاء والتعلم من الكوارث الطبيعية لتفادي تكرارها ولتخفيف مخاطرها وخسائرها بكثير من التدابير والمعالجات إلا في بلادنا تتكرر نفس الكوارث وتعاد ذات المعاناة نتيجة سوء التدبير وغياب الإدارة وضعف التقدير وأخطاء المعالجات.
لدى اليمني فائض عاطفة تجاه الكون كله، تجده يتضامن مع كل القضايا العادلة منها وغير العادلة، يناصر بلا ضوابط، ويتعاطف دونما حدود ويفزع مع الطارف وهذا بدوره ينعكس سلباً على مفهومه للتضامن وفلسفته للتعاطف وثقافته للنصرة.
لا يشكوا الناس في تهامة من الإهمال والتجاهل لمعاناتهم فحسب بل يشتكون أيضاً من الاهتمام الخادع ويعانون من التعاطف الكاذب، ويتألمون من الاستغلال السيئ لحاجتهم وضعفهم، يؤذيهم التضامن على طريقة الحوثي وتجرحهم الإغاثة على مذهب القاضي وتسيء لهم النجدة وفق استراتيجية الفاصوليا والروتي.