شاهدت مقطعا للشيخ المعروف (الحسن أبكر) وهو يتحدث بمرارة وحرقة وجرأة، إلى عدد من أبناء قبائل الجوف في وقفة احتجاجية، لمطالبة السلطات السعودية بإطلاق سراح ابن محافظة الجوف اللواء الركن علي محسن الهدي مساعد رئيس هيئة العمليات في جيش (الشرعية)، والذي اعتقلته السعودية قبل أشهر أثناء تواجده في أراضيها.
تحدث الشيخ أبكر بكلام قوي جدا، وطالب فيه السعودية بعدم إذلال اليمنيين وتعمد إهانتهم، موضحا أنهم قد طرقوا كل الأبواب من أجل إطلاق سراح اللواء الهدي دون أي فائدة.
وحتى مجلس الثمانية لم يستطيع أن يفعل شيء ….. قائد عسكري برتبة لواء وفي منصب رسمي يتم اعتقاله بكل سهولة رغم وجود قائده العليمي هناك.
أنا شخصيا لم استغرب هذا من الرياض فهي تتعامل مع (الشرعية) والمحسوبين عليها بكل تعالي وغرور وعنجهية وغطرسة.
وليس اللواء الهدي هو المعتقل الوحيد في السجون السعودية من المحسوبين على الشرعية، فهناك الكثير غيره من عسكريين وإعلاميين وأعضاء مجلس نواب (الشيخ عبد الرحمن نشطان) عضو مجلس النواب عن وصاب له في السجون السعودية أكثر من أربع سنوات، عمر الكميم شاب مغترب في السعودية معتقل منذ ما يقرب من عام، بسبب تغريدة عن (غزة) لم يتطرق فيها للسعودية لا من قريب ولا من بعيد بل دائما يشيد بها ومع ذلك تم اعتقاله، وهو بالمناسبة شقيق الإعلامي المعروف عمر المرشد المحسوب على (الشرعية) والذي لا يفتر عن شكر حكومة (خادم الحرمين) كل ما يظهر على الشاشة.
هذه نماذج فقط وهناك الكثير في غياهب السجون، وهناك الكثير أيضا استطاعوا أن ينفذوا بجلودهم إلى خارج المملكة.
تصوروا رئيس مجلس قيادة وسبعة بجانبه، ورئيس مجلس نواب ورئيس حكومة لم يستطيعوا إطلاق سراح اللواء الركن علي محسن الهدي، ولا أي معتقل آخر من المحسوبين عليهم، هؤلاء جميعا ليس لهم قدر ولا مكانة عند الحكومة السعودية إلا عبر الإعلام فقط، وما دون ذلك تعاملهم كمغتربين.
ولذلك أنا لا استبعد والله أن تقوم الرياض في أي وقت باعتقال العليمي أو أحد أعضاء مجلسه، فهي تتعامل معهم وفق المنطق الفرعوني (لا اريكم إلا ما أرى).
بداية عام 2015م ابتسمت الرياض لهادي ومن معه واستقبلته بالأحضان، حتى حققت عن طريقه كل ما تريد في اليمن أو توهمت ذلك، وبعدها قلبت له ظهر المجن، وركلته إلى خارج الحلبة، وسوف تعمل مع الثمانية نفس الشيء طالما ارتضوا لأنفسهم ما ارتضاه هادي لنفسه من الذل والانبطاح، والمسألة مسألة وقت، وكل ذلك على حساب اليمن أرضا وإنسانا.
في عام 2015م ابتسمت الرياض لمن هم عندها وعبست بوجهها لمن هم في صنعاء، وبعد تسع سنوات تغير الموقف فعبست بوجهها لمن هم عندها وابتسمت لمن هم في صنعاء، والواقع أنها لا تطيق الجميع كان ذلك من عندها في الرياض أو الذي في صنعاء، ولكن لسان حالها يقول: الضرورات تبيح المحظورات (إلى الوقت المناسب)، والجميع يدرك هذه الحقيقة، السعودية تريد يمن ضعيف ممزق لا موحد ولا منفصل، لا جمهورية ولا ملكية.
مهما ادعت غير ذلك فالأعمال تكذب الأقوال، وما حصل منها خلال تسع سنوات خير دليل على ما ذكرنا، الشيء المؤكد وكما قلنا أكثر من مرة أن السعودية وفي القريب العاجل ستحتاج إلى اليمن حتما، ولكنها حين تلفت إليه لن تجده اليمن الذي تريد، وحينها ستعرف حقيقة ماذا صنعت باليمن، وفي ذلك الوقت لن ينفعها الندم.
أورد القاضي عبد الرحمن الإرياني -رحمه الله- في الجزء الثالث من مذكراته، رسالة شخصية مرسلة له من مفتي الجمهورية السابق القاضي (أحمد زبارة) -رحمه الله- وكان حينها مع الجانب الملكي التي كانت تدعمه السعودية، يشكو فيها زبارة وبمرارة من طريقة تعامل الرياض معهم، وأنها لا يهمها اليمن بقدر ما يهمها مصالحها على حساب اليمن، داعيا في الرسالة إلى ضرورة أن يحل اليمنيون قضيتهم فيما بينهم …
فمسكين من لم يقرأ التاريخ القريب والبعيد، مسكين ثم مسكين، حفظ الله اليمن من مكر الماكرين وعبث العابثين.