كل الذين راهنوا على الإرهاب في تغيير المعادلات السياسية على الأرض اصطدموا بحقيقة أن الإرهاب قد انقلب عليهم في نهاية المطاف، وصاروا هدفاً له.
ما يجري في اليمن، وفي الجنوب على وجه الخصوص، هو تكرار ممل لتجارب كثيرة في استئجار الإرهاب لتغيير المعادلات على الأرض.
قبل أيام حملت الأخبار ما يفيد أن دولة عربية جارة لليمن أطلقت عدداً من معتقلي جوانتانامو اليمنيين كانت قد تسلمتهم من الولايات المتحدة في اتفاق ثنائي للاحتفاظ بهم لتمكين الأخيرة من إغلاق معتقل جوانتانامو. وقامت هذه الدولة الجارة بإرسالهم إلى اليمن، دون أن يوضح مصدر الخبر من هي الجهة اليمنية التي تسلمتهم. لم تعلق الحكومة اليمنية على الخبر، ربما انسجاماً مع سياستها القاضية بتحمل الأذى الأصغر من الشقيق تجنباً للأذى الأكبر.
غير أن واقع الحال يقول إن الأذى هو الأذى، صغر أو كبر، لا سيما وأن الحوثي ومن ورائه إيران بات يحتضن الإرهاب ويوظفه خاصة في المناطق التي يستطيع أن يوفر فيها بيئة مناسبة لعمله.
الإرهاب الذي ضرب مؤخراً في مودية هو محصلة عدد من العوامل تتراوح بين مخطط، وممول، وحاضن، ومستفيد، وهؤلاء جميعاً يتوزعون فوق رقعة سياسية واجتماعية وعسكرية واسعة تتداخل وتتشابك في مصلحتها في عمل كهذا رغماً عن تناقضاتها وخلافاتها، وهذا هو الوضع الذي يستعيد فيه الإرهاب مكانته في الوقت الحاضر في اليمن.
أكرر القول إن كل الذين تعاقدوا مع الإرهاب لتغيير المعادلات كانوا دائماً في حاجة إلى ستر عورات ضعفهم، ولم يتعلم من جاء بعدهم من الدرس من أن الإرهاب لم يصنع نصراً لنفسه ولا لغيره، ولم يغير معادلات، كل ما عمله هو القتل وسفك الدم واستلام الأجرة في عمل سيتكرر طالما هناك من أدمن استئجار القتلة.