بعد أربع سنوات من المخاض الفكري العميق والنقاشات السياسية الجادة والحوارات الوطنية المسؤولة واللجان السياسية المتعاقبة.
توجت كل تلك الجهود بلحظة الميلاد وعلان تأسيس المؤتمر الشعبي العام الكيان السياسي الوطني الجامع على الساحة اليمنية وأهم مكون سياسي واجتماعي انضوت في إطاره مختلف القوى السياسية.
كان لتنظيم المؤتمر وشموليته في تلك الفترة، دوراً محوريًا في توحيد كل اليمنيين بمختلف فئاتهم ومشاربهم وتوجهاتهم، بما حمله من عقد اجتماعي رصين، تمثل في (الميثاق الوطني) ثالث أهم وثيقة مرجعية بعد "أهداف الثورة اليمنية" و"الدستور اليمني".
دشن مؤتمره العام الأول خلال الفترة 24 - 29 أغسطس 1982م تحت شعار «من أجل ميثاق وطني يجسد عقيدة الشعب وأهداف الثورة»، بحضور 1000 عضو، يمثلون محافظات الجمهورية بينهم 6 نساء.
حددت مهام المؤتمر العام وفقا للقرار الجمهوري رقم (٥٤) وتاريخ ١٢ / ٨ / ۱۹۸۲ م، بالآتي:
أولاً : إقرار مشروع «الميثاق الوطني»، وتحديد أسلوب العمل الذي سيتم من خلاله نقل الميثاق الوطني من إطاره النظري إلى الفضاء العام في الدولة والمجتمع، وإدراكًا لخطورة استمرار غياب وجود دليل فكري وطني متكامل ، حرصًا على إيجاد فكر وطني يقوم على أساس من الجمع بين الأصالة والمعاصرة وفق تعاليم وقيم الإسلام الخالدة ومبادئه السامية وأهداف ثورة سبتمبر المجيدة ، ويتوخى التأكيد على ضمان الحريات العامة والفردية وممارسة الشورى والديمقراطية وتطبيق العدل الاجتماعي وأهمية الوحدة الفكرية كضرورة لتعزيز وتكريس الوحدة الوطنية من خلال توحيد كافة القوى والعناصر الوطنية على أسس وطيدة ووفق تصورات ومفاهيم موحدة نابعة من خصوصيات مجتمعنا اليمني العربي المسلم وبناء مجتمع تظلله الديمقراطية ، وتسوده العدالة والمساواة ويعمه الرخاء والإزهار وتنتفي منه كل أسباب التناقض والصراعات والحساسيات إلى الأبد.
ثانيا:
تحديد أسلوب العمل لتطبيق الميثاق الوطني في المرحلة القادمة التي تعقب المؤتمر العام ، إيمانا بأهمية تعزيز قوة الوحدة الوطنية بوحدة الفكر والأداة السياسية استيعابا لما تمخضت عنه تجربة العمل السياسي على الساحة اليمنية ، واستجابة لما صار يمثل مطلبا ملحا في الحياة اليمنية للانتقال بالعمل السياسي إلى مرحلة متقدمة تنسجم مع متطلبات تطور العمل الوطني من خلال الاستفادة من معطيات الواقع ، ودفعا بالمبادئ والأفكار الوطنية التي اجمع الشعب عليها في ميثاقه الوطني إلى التطبيق العملي وفقا لاحتياجات الواقع السياسي وطموح تلك المرحلة الوطنية في المزيد من التطور والنمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وإيجادا للضمانات العملية اللازمة لتحقيق ذلكم التطور والنمو بصورة ديموقراطية سلمية وحضارية عبر العمل الشعبي المنظم وتحول المؤتمر إلى تنظيم سياسي تجسد من خلاله مبادئ الميثاق في السلطة والحياة العامة..
وإيجاد الأطر القانونية والوسائل الإدارية والتنظيمية وتحديد الهياكل والواجبات والحقوق للأعضاء في أيطار خطة مدروسة ومنهجية لمأسسة المؤتمر الشعبي العام تحويله إلى «تنظيم سياسي»، يملئ الحياة السياسية ويقوم بمهمة التنشئة السياسية في أوسط المجتمع وكل مؤسسات الدولة وأداة لتطبيق «الميثاق الوطني».
وتم انتخاب رئاسة المؤتمر العام على النحو التالي:
١ - العقيد/ علي عبدالله صالح، رئيساً.
٢ - الدكتور / عبد الكريم الارياني، نائباً أول.
3- الأستاذ/ حسين المقدمي، نائباً ثانياً.
4- الدكتور / أحمد الاصبحي، مقررا عاماً.
5 - الأخ / صادق أمين أبو راس، مساعداً للمقرر العام.
6 - الأخ / عبد الحميد الحدي، مساعد للمقرر العام
وتم إقرار مشروع لائحة لتنظيم جلسات المؤتمر العام الأول، ولجان المؤتمر (الميثاق- العمل السياسي- الصياغة- الإعلام).. كما حددت اللائحة طريقة التصويت على القرارات داخل المؤتمر (رفع الأيدي- الاقتراع السري بناءً على اقتراح هيئة رئاسة المؤتمر أو طلب 20 % من أعضاء المؤتمر العام)، وأن تجدد هياكله ويرفد بالكوادر السياسية وتدمج فيه الأجيال المتعاقبة مرة كل أربع سنوات، ويعقد اجتماعاً مرة كل سنتين يسمى «المؤتمر العام السنوي» وفي الجانب الهيكلي والتنظيمي تقرر أن تنبثق عن المؤتمر العام لجنة دائمة برئاسة رئيس الجمهورية وتتكون من 75 عضواً (70% بالانتخاب و30% بالتعيين) وأن يشكل ممثلو المحافظات في المؤتمر الشعبي مؤتمرات فرعية في محافظاتهم..
إقرار تشكيل لجنة لوضع مشروع «النظام الأساسي» الذي تكون من 24 مادة نص في الباب الأول منه على أن «المؤتمر الشعبي العام» هو أسلوب للعمل السياسي يضم ممثلين عن الشعب بمختلف فئاته الوطنية ضمن منهج فكري عام يجسده الميثاق الوطني.. ويهدف إلى تعميق الوعي بالميثاق وممارسة العمل السياسي، بينما حدد الباب الثاني من «النظام الأساسي» هيكل وتكوينات المؤتمر الشعبي العام، وهذه التكوينات هي: المؤتمر العام (يتكون من الأعضاء المنتخبين والمعينين) اللجنة الدائمة (75 عضواً)، أمين عام المؤتمر الشعبي العام (رئيس الجمهورية)، اللجان المتخصصة، (وترك أمر تحديد عددها ونوعها ومهامها إلى اللائحة الداخلية)، المؤتمرات الفرعية (على مستوى المحافظة).. وحدد «النظام الأساسي» اختصاصات المؤتمر الشعبي واختصاصات كل من اللجنة الدائمة والأمين العام واللجان المتخصصة والمؤتمرات الفرعية.
كانت مخرجات المؤتمر العام الأول ذات أهمية وطنية بالغة وحققت افضل النتائج من حيث وجود تنظيم سياسي وطني تمارس من خلاله العملية السياسية والديموقراطية لكافة القوى السياسية وقد اقر المؤتمر العام الآتي:
أولا: اقر المؤتمرون بالإجماع الميثاق الوطني في صيغته النهائية
كمنهج سياسي برامجي ودليل نظري للعمل السياسي يتفق مع مبادئ وأهداف الثورة اليمنية وهو ما ذهب إليها الرئيس صالح في فاتحة (الميثاق الوطني) بقوله (لقد كان في طليعة همومي، منذ الأيام الأولى لتحملي أمانة قيادة شعبنا المؤمن الصادق، أن أعثر على صيغة عملية تتفاعل مع مبادئه وقيمه، وأهداف ثورته..). وجاءت التصورات السياسية لح في ديباجة القرار الجمهوري رقم (5) لسنة 1980، التي لخصت أهداف الميثاق الوطني، بالآتي:
- تعزيز الوحدة الوطنية بفكر وطني يقوم على أساس الجمع بين الأصالة والمعاصرة.
- ملء الفراغ السياسي بفكر وطني متكامل تتحدد به المناهج السياسية للدولة والقوى الوطنية معا.
- تحصين الشعب اليمني من التيارات الفكرية الداخلية.
- تفعيل مبادئ وأهداف الثورة السبتمبرية وجعلها واقعا ملموسا يعيشه جميع أبناء المجتمع.
- تحقيق التواصل الحضاري بين الموروث التاريخي وضرورات الحاضر وتطلعات المستقبل.
- تحقيق الأمن والاستقرار من خلال توحيد جميع الطاقات في إطار فكري سليم.
إضفاء شرعية جماهيرية على نظام الحكم وكسب ثقة الجماهير بالدولة وتلاحمها معها.
وقد حدد الميثاق الوطني مرتكزاته المستقبلية على خمس حقائق هامة هي:
1- الاستقرار والأمن والسلام هي أسس البناء الحضاري، ولا يمكن أن تتهيأ إلا في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية التي تقود إلى وحدة الأرض والشعب والحكم.
2- أن العقيدة الإسلامية هي ضمير الشعب اليمني الذي لا تزعزعه الأحداث الدامية ويستحيل بدونها الاندفاع للأمام.
3- أن التعصب الأعمى لا يثمر إلا الشر، وإن القوة والدجل والخديعة قد فشلت عبر تاريخ اليمن كله.
4- لا يمكن تحقيق الوحدة والتطور والتقدم بدون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
5- رفض كل أشكال الاستغلال والظلم مهما كانت أصولها ومصدرها
ثانيا: إن المؤتمر الشعبي العام تنظيم سياسي لممارسة الحياة السياسية
ستساعد على تعميق الوعي بالميثاق الوطني، وتمكين المواطنين من ممارسة العمل السياسي والتفاعل مع البرامج التنموية للدولة، إضافة إلى ترسيخ القيم الأخلاقية في سلوك الفرد والمجتمع وفقا لمبادئ الميثاق الوطني، وتقييم تجربة العمل السياسي وتأهيل القوى الوطنية لممارسة أفضل الأساليب الديمقراطية.
ثالثا: الموافقة على البرنامج السياسي والنظام الأساسي للمؤتمر
كذلك أقر أعضاء المؤتمر النظام الأساسي للمؤتمر الشعبي العام، وخلصوا أخيرا إلى اعتبار المؤتمر الشعبي العام بمثابة التنظيم السياسي الوحيد في الجمهورية العربية اليمنية الذي تمارس داخل أطره مختلف القوى السياسية الوطنية نشاطها.
رابعا: انتخاب الجنة دائمة من 75 عضواً (50 انتخاب بينهم امرأة واحدة، و25 معينين بقرار رئيس الجمهورية رقم 62 لسنة 1982م).
ويتم تشكيلها على نفس منوال تشكيل المؤتمر، بهدف أن تكون مسئولة عن قيادة وتوجيه أعمال وسياسة المؤتمر الشعبي العام، وعن تطبيق الميثاق الوطني، ورعاية العمل السياسي وحمايته من الانحراف، وتم إقرار تلك وقد تم انتخاب (50) عضوا للجنة الدائمة. و(25) عضوا صدر بهم القرار الجمهوري رقم (62) لسنة 1982م بتاريخ 13/8/1982م.
- د. أحمد الأصبحي.
- أحمد علي المطري.
- أحمد عبدالله الحجري.
- أحمد أحمد فرج.
- أحمد أحمد الرحومي.
- أحمد محمد الاكوع.
- أحمد يحيى العماد.
- أسماء يحيى الباشا.
- حمدي محمد السنيدار.
- حمود هاشم الذارحي.
- حمود عاطف.
- زيد مطيع دماج.
- سليمان الفرح.
- سليمان محمد الأهدل.
- سلطان علي العرادة.
- صادق أمين أبو راس.
- صالح عباد الخولاني.
- ضيف الله شميلة.
- عبدالله ناصر الظرافي.
- عبدالله حسن خيرات.
- عبد الحميد سيف الحدي.
- عبدالستار عبدالغني الشميري.
- عبد السلام العنسي.
- عبد الرحمن يحيى العماد.
- عبد القوي حسين الحميقاني.
- عبد الرحمن محمد علي عثمان.
- علي لطف الثور.
- علي مقبل غثيم.
- علي عبدالرحمن البحر.
- علي محمد العماد.
- علي أحمد أبو الرجال.
- المقدم علي محمد صلاح.
- علي صغير شامي.
- علي محمد عثرب.
- علوي حسن العطاس.
- محسن اليوسفي.
- محمد أحمد الكباب.
- محمد عبدالله الجائفي.
- محمد حسن دماج.
- ناجي صالح الرويشان.
- نعمان بن قائد بن راجح.
- محمد أحمد المحطوري.
- محسن سريع محسن.
- محمد مشعوف السلمي.
- محمد صالح الأحمر.
- مشرف عبدالكريم المحرابي.
- هلال عباس محمد الكبودي.
- يحيى لطف الفسيل.
- المقدم يحيى محمد الشامي.
- يوسف الشحاري.
وتم تعين نسبة بالقرار الجمهوري رقم (62) لسنة 1982م من التالية أسمائهم؛
- د. أبو بكر القربي.
- أحمد صالح الرعيني.
- أحمد محمد الشجني.
- حسن أحمد الحداد.
- حسين عبد الله المقدمي.
- د. حسن محمد مكي.
- حسين محمد الدفعي.
- سنان عبد الله أبو لحوم.
- صالح عبد الله الجمالي.
- عبد الله حسين البشيري.
- عبد الله بن حسين الأحمر.
- عبد الكريم عبد الله العرشي.
- عبد العزيز عبد الغني صالح.
- د. عبد الكريم علي الارياني.
- عبد الملك منصور.
- عبد الواحد هواش.
- عزت أمين نعمان.
- علي محسن صالح.
- غالب مطهر القمش.
- مجاهد يحيى أبو شوارب.
- محمد عبد الله صالح.
- محمد عبد الرحمن الرباعي.
- محمد شاهر حسن القرش.
- محمد الشيباني.
- محمد محمد الطيب.
خامساً: إقرار الهيكل التنظيمي للمؤتمر الشعبي العام من:
- اللجنة الدائمة.. (تمثل قيادة المؤتمر ويترأسها أمين عام هو رئيس الجمهورية).
- أمانة سر اللجنة الدائمة.. (جهاز فني وإداري ومالي).
- اللجان المتخصصة. (شكلت اللجنة الدائمة من بين أعضائها أربع لجان هي اللجنة السياسية- لجنة الثقافة والتوجيه- لجنة الإدارة والخدمات العامة- اللجنة الاقتصادية).
وبهذا أرسى المؤتمر العام قواعد العمل السياسي ومساحة المنافسة في الفضاء العام بالطرق السلمية والديموقراطية.