أبناء محافظة ريمة في اليمن هم سلالة من الفلاحين النبلاء الذين ارتبطوا بالأرض والمطر والمواسم، فهؤلاء الفلاحون لديهم علاقة وطيدة مع الأرض التي يزرعونها والسماء التي ينتظرون منها المطر، وهو ما يمنحهم الحكمة والبصيرة في تقدير الأمور والقدرة على اختيار المسالك الصائبة التي تقود إلى العدالة، استلهموا من نقاء أرواحهم طريقا نحو الخير والحق، وظلوا يسعون نحو تحقيق العدل والمساواة في مجتمعهم.
على مر العصور، كان أبناء ريمة، كغيرهم من فلاحي اليمن، طلائع النضال في سبيل اليمن الجمهوري، فقد شاركوا بشجاعة في حركات التحرر والانتصار للحرية، رافعين راية الحق في وجه الظلم والفساد، وفي كل مرحلة من مراحل النضال، كان أبناء ريمة يجسدون القيم الأخلاقية الأصيلة، حيث لم يكن يستهويهم التربح الشخصي أو السعي وراء المكاسب الذاتية، وكانت قضيتهم تتجاوز الأفراد لتصب في مصلحة الوعي الجمعي، إدراكا منهم بأن نتائج نضالهم ستعود بالنفع على الجميع.
ومع ذلك، لم تكن مسيرة النضال خالية من الصعاب، فقد وجد أبناء ريمة أنفسهم، كغيرهم من المخلصين في البلاد، أمام تحديات كبيرة بسبب عدم نضج بعض محاولات التغيير، فالاختلالات التي عانوا منها كانت نتيجة لوجود قوى متربصة تحاول استغلال تضحيات الأوفياء لمصالح شخصية، وهذه التجارب المؤلمة ولدت حالة من التذمر بين أبناء ريمة، حيث باتوا يشعرون بوجود حاجة ملحة لحماية مكتسبات نضالهم من تلك القوى الانتهازية.
لقد أدرك أبناء ريمة أن النجاح في حماية مكاسب نضالهم لا يتأتى إلا من خلال تشكيل سياج عملي وواعٍ يستند إلى تنظيم الجهود والعمل الجماعي، فالتذمر، وإن كان حقا مشروعا، يحتاج إلى أن يتحول إلى قوة إيجابية منظمة تسعى نحو تحقيق العدالة والمساواة، وهذا الأمر يتطلب إنشاء أشكال تنظيمية مشروعة تجمع أبناء المحافظة بمختلف انتماءاتهم السياسية، مستفيدين من تجارب مجالس التنسيق التي أُشهرت في محافظات وأقاليم أخرى.
من هنا، يتضح أن الهدف من تنظيم الجهود لا يجب أن يكون الاستقواء على الآخرين أو انتزاع مكتسبات غير مشروعة، بل يجب أن يكون لتحقيق العدالة والانتصار لقيم الحرية والمساواة وبناء الدولة الاتحادية، فأبناء ريمة كما كانوا دائما، قادرون على أن يكونوا نموذجا في العمل الجماعي والتضحية من أجل المصلحة العامة.
