تمر ذكرى الاصلاح في ظروف صعبة واستثنائية لم تمر بها اليمن في تاريخها على ما اعتقد، تشابكت المصائب داخليا وخارجيا حتى عاد الخروج يحتاج الى قوة متماسكة ومتجددة وفاعلة مثّل الاصلاح اليمني.
واثبت الاصلاح منذ تأسيسه في عام ١٩٩٠م أنه كيان يمني سياسي واجتماعي عميق للجذور، صعب المراس ويملك من الصلابة والمرونة ليواجه التحديات ويكون عنوانا لأمال الشعب اليمني في الخروج من التحديات التاريخية الصعبة.
فالإصلاح الذي تأسس في ١٩٩٠م على يد مجموعة من العلماء والأدباء والمشايخ المفكرون لم يكن غريبا على الساحة السياسية فهو يتكئ على ارث وطني في النضال يمتد إلى حركة الإصلاح اليمني التي ساهمت في صناعة الوعي التحرري الثوري الجمهوري ومناهضة الإمامة الظلامية منذ بداية القرن الماضي.
حتى أثمرت ثورة عظيمة هي ثورة ٢٦ سبتمبر بأهدافها الوطنية والتي ساهمت بدورها بإنجاز التحرير في جنوب اليمن. وانتصار ثورة أكتوبر المجيدة التي وحدت السلطنات في جمهورية اليمن الديمقراطية بعد أن عمل الاستعمار على تفتيت الوطن الواحد وتمزيق الشطر إلى أشطار ومشيخات وسلطنات.
لقد انخرط الإصلاح منذ تأسيسه عام ٩٠م في العملية السياسية لإثرائها وتجديدها وتطويرها، مسرع الخطى نحو استكمال التجربة الديمقراطية والدولة المدنية.
قاد مع الأحزاب اليمنية عملية الحوار المكثفة بعد الوحدة لإزالة الحواجز الوهمية والأشواك والتوجسات العدائية التي زرعتها مرحلة السرية في العمل الحزبي والحكم الشمولي الذي كان مفخخا بكل نوافخ الكراهية وبالونات التحريض ومصطلحات التخوين والتكفير وإلغاء الآخر بل و محاربته على أساس أن الآخر الوطني هو العدو وان الحزب هذا أو ذاك محتكر الحقيقة وهو الوطن والشعب ولم يفلح هذا التوجه سوى العداء، وإشاعة الكراهية والتخلف العام والخاص ودعم الشمولية والاستبداد بإضعاف المجتمع وأدواته السياسية.
كان الإصلاح أيقونة الحوار، وقد ساهم بجرف كل المتارس وأكوام الكراهية، حيث خاض حوارات ولقاءات خاصة وعامة، لتهيئة الأرضية السياسية للعمل الحزبي والنشاط على أساس وطني، والتنافس ببرامج سياسية، وكان للتقارب الشخصي بين القيادات والمراجعات التي دخلتها بقية القوى الدور الأبرز في إنجاح تأسيس هذه الأجواء التي مهدت لأول انتخابات بعد الوحدة في ٩٣ ورغم أن الإصلاح لا يستند إلى ميراث حكم ولا إمكانيات دولة عميقة إلا أنه استطاع أن يحقق نصرا مهما حيث حصد المرتبة الثانية في المقاعد النيابية ، ولأنه يدرك الظروف ويؤمن بالتدرج في العمل الديمقراطي ويقدم المصلحة العامة فقد ارتضى أن يعود خطوة إلى الخلف بالنسبة للاستحقاقات في الحكومة ليكون الثالث، وقدم وزرائه أنموذجا في الهمة والنزاهة في وزارات خدمية، وفي ظرف أقرب إلى ظروف الإحراق وكان الوزير الإصلاحي (عبد القادر بأفضل) الذي مسك وزارة التموين دورا رائعا قدم فيها نموذجا وحلولا لخدمة المواطن ومشاكله ومحاربة الفساد والاستغلال، متجاوزا كل المعيقات ووسائل الإفشال المتعمدة ،وخرج وزراء الإصلاح الذي لا يتجاوز عددهم الأربعة بسمعة جيدة ودورا مشهودا ليخرج الإصلاح بالديمقراطية من الحكم كما دخل فيه عبر الصندوق.
ليخوض المعارضة بجدارة عبر تكتل سياسي هو الأول من نوعه هو اللقاء المشترك الذي قاده الإصلاح وإحدث وعيا وحراكا سياسيا غير مسبوق في الوطن العربي، وصل إلى انتخابات رئاسية جادة بمرشح واحد للمعارضة هو فيصل بن شملان، وعند ما بدأت العملية السياسية بالتعثر وتعرضت للخنق البطيء قاد الإصلاح مع شركائه الشارع السياسي في عملية سلمية من أجل إصلاح الملعب الانتخابي.
وضمان نزاهة الانتخابات وتحييد المؤسسات وفي هذا الصدد تم إنجاز وثيقة سياسية من لجنة مكونة من الحزب الحاكم والمعارضة عرفت بلجنة الأربعة هم عبد الكريم الإرياني وعبد العزيز عبد الغني وعبد الوهاب الأنسي وياسين سعيد نعمان.
وقد كانت وثيقة مهمة كان من شأنها أن تضمن وصول السفينة الوطنية إلى بر الأمان لو لم تجهض بطريقة تعسفية لتبدأ بعدها الأحداث تأخذ منحدرا سلبيا وهي وثيقة يجب استحضارها لأنها كانت من الهامات العقل اليمني الذي عطل فجأة للأسف.
ليتحول الخلاف السياسي القابل للحل والأثراء إلى أزمة حادة ليذهب الشارع إلى ثورة شعبية كان لأحزاب المشترك بقيادة الإصلاح دور الترشيد وجمع الفرقاء الذي انتهى إلى طاولة الحوار الوطني وإنجاز أهم وثيقة يمنية هي مخرجات الحوار الوطني الذي أجتمع فيه كافة الألوان اليمنية لتنطلق مسيرة القطار إلى استفتاء على الدستور وتمتين العملية الديمقراطية وهي النقطة التي تدخلت فيه أطراف داخلية و خارجية لم يعحبها أن تتعملق اليمن لتدفع بالانقلاب المشؤوم الذي رعته أطراف دولية وما زالت لإعاقة الدولة اليمنية وحلم اليمنيين، الذين مازالوا يناضلوا من اجله ويقدمون التضحيات عبر مقاومة باسله مازالت اليوم تحفر في الجدار دون كلل وحتما ستصل إلى النصر، فما ضاع حق وراءه شعب مطالب وقوى وطنية مثل الإصلاح تعبر عن الحلم والإرادة اليمنية متواجدة في كل قرية وحارة يمنية و كل رصيف وشارع.
إن الإصلاح تجاوز دائرة الحزب، ليتحول إلى حركة وطنية شعبية رافعة للمشروع الوطني، معبرة عن الهوية اليمنية ،منافحة عن كرامة ووجود اليمني، ببساطته وشموخه ويحتاج من كل إصلاحي أدراك هذا الدور الرائد ليعمل على التجدد والتجديد والمراجعة الدائمة على مستوى الفرد أولا ،فالفرد هو اللبنة الصلبة والدافع الأساس، وعلى مستوى الحزب في كل مستوى ابتداء من المركز وصولا إلى القمة ،فالصلابة تبدأ من القواعد فعلى قدر صلابتها يشيد البناء الذي يعلق عليه اليمنيون أمالهم، ومع الإرادة والعزيمة يتبدد اليأس فتحقق المنجزات وتهون العقبات، ويخف الحمل مهما تعاظم فالبناء الصلب والمتماسك يقاوم كل الأعاصير ويواجه كل التحديات، ويتعامل مع كل الظروف مستعينا بالله بعد اتخاذ كل أسباب البقاء ووسائل العبور إلى ساحل النجاة.