يتجلى تأثير إيران في منطقة الشرق الأوسط من خلال استخدامها لأدواتها الإقليمية وتوسع نفوذها، بدءًا من مدن استراتيجية مثل القصير وحلب وصولاً إلى ريف دمشق. لم تعد هذه المناطق مجرد مواقع جغرافية؛ بل أصبحت رموزًا لرؤية إيران الإيديولوجية، مما ورط شعوب المنطقة في أزمات سياسية واقتصادية عقب ثورات الربيع العربي. تعمل هذه التعقيدات على إعاقة بناء الدول الوطنية في دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت، حيث تعكس السياسات الإيرانية المتقلبة استراتيجيات نفعية تهدف إلى تحقيق أهداف إقليمية بعيدة المدى.
تُطرح علامات استفهام حول النتائج المحتملة لهذا التوجه. إذا كانت إيران مستعدة للتضحية بحزب الله لإبرام صفقات مع جهات أخرى، فما تأثير ذلك على توازن القوى في المنطقة؟ يعتقد البعض أن هذه الخطوة تعكس تراجعًا تكتيكيًا أكثر من كونها انسحابًا دائمًا، إذ تسعى إيران لإعادة التموضع داخليًا تحت ضغط الضغوط الاقتصادية والعقوبات.
يتضح عند استعراض دور الميليشيات الإيرانية وتأثيرها منذ غزو العراق في 2003 كيف تمكنت من توسيع نفوذها في سوريا واليمن ولبنان. لم تخلُ هذه الأنشطة من الرقابة الأميركية، ما اعتُبر انتهاكًا للسيادة الإقليمية. تسبب هذا التوتر في تعقيدات في العلاقات الإيرانية الأميركية، التي اتسمت بالتصريحات الحذرة.
دخلت إيران في صراعات مع واشنطن وموسكو، ساعية لاستخدام أصحاب المصلحة لتعزيز حصتها في "الكعكة السورية". تشير الأحداث الحالية إلى إمكانية نهاية نفوذ حزب الله، وربما نظام دمشق، وهو تطور قد يغير معالم الشرق الأوسط.
يبقى المشهد الإقليمي مصدر قلق، حيث تستمر التحولات السريعة في تحديد دور إيران. فهل ستتمكن إيران من التعامل بحذر لفترة أطول، أم أن خطواتها التكتيكية تقترب بها من نهاية دورها الوظيفي؟ يبقى السؤال معلقًا، لكن من المؤكد أن تداعيات ذلك ستتسم بالتعقيد والصعوبة.