ربما شعرت أن صواريخ تركيا قادمة بعد صواريخ إيران ولو بعد حين!
هذا ليس شعوري أو رأيي! .. هذا رأي التاريخ والجغرافيا
وأرجوك يا صديقي أن تقرأ على مَهَل هذه السطور وما بينها!
شكّك كثيرون حول نتائج الهجوم الصاروخي المتبادل بين دولة الاحتلال وإيران!
ربما أنّ لديهم بعضاً من حق!
بالنسبة لي هذا ليس مهماً
الأهم تاريخياً واستراتيجياً هو أن تبادل الهجوم بالصواريخ حدث بالفعل بين إيران والكيان
فهذه أول مرة تضرب فيها دولة غير عربية إسرائيل بالصواريخ منذ نشأتها قبل 76 عاماً!
هذا منحنى جديد وشديد الأهمية على طريق الصراع!
وللمفارقة السريالية فقد وقف بعض العرب دفاعاً عن الكيان الغاصب! حتى أن بعض البعض تصدى لمنع الصواريخ الإيرانية وتفجيرها قبل وصولها إلى مواقع الكيان الغاصب! يا للعرب وعجائبهم! .. بعد قرن ما تزال سايكس بيكو حيّةً في عروقهم! حيّة هنا بمعنى أفعى!
من نتائج تبادل الصواريخ العابرة للقارات لأول مرة على الكيان ومنه أنه أكد للعالم أن إسرائيل أصبحت كارثة بل جائحة متنقلة تنشر الموت والدمار وتعتدي على 7 شعوب في وقتٍ واحد حتى لو كانت بعيدة عنها بمسافة 2000 كم! .. هنا، كأنّ الجغرافيا والتاريخ معاً يرفضان جرثومة الوباء المزروعة هذه بالقوة في جسد المنطقة .. جرثومة اسمها عزرائيل!
كما أن من أهمية هذا الهجوم المتبادل بالصواريخ أنه ربما كسر نفسياً أوهام الخوف والرعب في المنطقة والإقليم من الكيان
قد لا يبدو ذلك الآن بوضوح .. لكن الأيام ستؤكده!
فها هو أردوغان بعد الهجوم مباشرة يقول ببساطة خطرة: لأجل هذا يجب أن تكون تركيا قوية!
ثمة رؤية مختلفة من زاوية لئيمة لا بد من إشارةٍ سريعةٍ إليها هنا
قال النتن ياهو " لقد ضربنا إيران بدقة في إطار الأمن القومي لإسرائيل"
فسر البعض قوله هذا بأنه يقصد: ليس من مصلحة إسرائيل إنهاء قوة إيران تماماً بل إضعافها فحسب!
وذلك لاعتقاده بأن تقارب العرب مع إسرائيل لن يكون إذا انتهى التهديد الإيراني لهم!
قد يكون في ذلك قدرٌ من الصحة.. لكنه آنيٌ!
والمفترض أن ما يجمع الأمتين أكثر مما يفرّق لو عقلَت عمائم الأوهام وعادت إلى رشدها شياطين العرب ومرضاهم ومجانينهم!
قلتُ إن التاريخ لا يموت والجغرافيا لا تتغير
عندما سقطت الأندلس العربية في 1492 بالخروج العربي الحزين من غرناطة آخر قلاع الأندلس في شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال) بعد 7 قرون من الحكم والحضارة والإبداع والإشعاع .. في هذه اللحظة العربية الحزينة المنكسرة كان العثمانيون يجتاحون أوروبا من هضبة الأناضول ويهزمون البانيا والمملكة الصربية والبلغار والبلقان والمجر والنمسا قبل أن يقتحموا بعد ذلك العاصمة البيزنطية القسطنطينية التي أصبحت عاصمة الإمبراطورية العثمانية إسطنبول حتى اليوم!
كانت القسطنطينية تدير الحروب الصليبية على بيت المقدس والعرب طوال قرنين
حتى فوجئت بالعثمانيين على أبوابها!
انطفأت الأندلس واشتعلت تركيا
لم يفتح العرب تركيا أو بلاد الروم كما كانت تسميتها
اجتاح العربُ العالمَ شرقاً حتى الصين وغرباً حتى المغرب وإسبانيا وجنوباً حتى قلب إفريقيا لكنهم توقفوا شمالاً بعد حلب!
كان العرب في حربٍ ومناوشات مع دولة الروم طوال قرون من سوريا والعراق
حتى تبرعم العثمانيون في قلب الأناضول التركية كمسلمين وانبثقوا امبراطوريةً محاربةً عظمى واجتاحوا أوروبا بعد ذلك قبل أن يلتفتوا جنوباً صوب العالم العربي!
سقطت الأندلس العربية في جنوب غرب أوروبا بعد 7 قرون
في نفس اللحظة التاريخية انبثقت امبراطورية إسلامية تركية كبرى في قلب أوروبا لتحكم وتسيطر لـ 7 قرون أيضاً .. أي نصف التاريخ العربي والإسلامي!
خرج العرب من إسبانيا والبرتغال بعد 700 عام
لكن أواصر القربى البشرية والجغرافية والثقافية والتاريخية مع العرب ظلت وما تزال
ولعل في ذلك ما يفسر اليوم مواقف دول أمريكا اللاتينية القوية الناطقة بالإسبانية والبرتغالية من قضية العرب الكبرى .. فلسطين!
شتان بين مواقف أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية
هل رأيتم خطاب رئيس فنزويلا في موسكو في قمة البريكس البارحة؟
ثمة جينات تجري في عصب التاريخ وأعصاب البشر لا تتعب أو تتهاوى
الجغرافيا لا تتغير والتاريخ لا يموت .. والدم لا يصير ماءً!