“على واشنطن تقديم ضمانات للسعوديه لوقف المسار الدبلوماسي مع الحوثي”، هذا ما أوردته صحيفة “ميديل إيست فورم”، في إشارة لإعادة صياغة المواقف تجاه مايجري في اليمن، ومغادرة ما أصبح بعد دخول عام على استهداف الحوثي للبحر الأحمر، يعرف بوهم الحل عبر التفاوض.
الآن ما يتم الحديث عنه بصوت يتسرب من بين شقوق الدبلوماسية الأمريكية السرية، هو تجميع المواقف وإرسال التطمينات وبعثها للأطراف الإقليمية، ولاسيما السعودية والإمارات وعموم دول الخليج، بأنها تحت مظلة الحماية الأمريكية، وإن على هذه الدول مغادرة تجربة الشك، بقدرة واشنطن على ضمان أمنهم، وإن قصف الإمارات كما حدث سابقاً بلا موقف أمريكي داعم ولا حتى بحده السياسي الأدنى، هو عملية غير قابلة للتكرار، في حال تم التفاهم على حشد جميع القوى، استعدادا لفعل عسكري يغير معطيات الأرض ويحمي المصالح الدولية.
مواجهة الحوثي أكبر من رقعة اليمن، هي جزء من حرب شاملة مع إيران، وتجفيف قوة الوكلاء هو بالنتيجة خطوة على طريق إضعاف الدور الإيراني في المنطقة، وإعادة هندسة جغرافية المصالح بلا حصص لطهران.
ما يحدث الآن يتخطى استكناه الشراكة الخليجية من عدمها، ويذهب في البحث الملموس، عن إطار لحماية داخل تلك الدول، وعدم تركها تدفع منفردة فواتير الصراع الإقليمي، ولعل التوقيع المرتقب على اتفاقية الدفاع المشترك بين الرياض وواشنطن، واحدة من أهم تلك الروافع المطمئنة للسعودية، بأنها لن تكون الخاصرة الرخوة، الواقعة تحت أنياب مظلة الصواريخ الحوثية في حال الانفجار.
تدرك السعودية إن موقفها من الانخراط أو عدمه، ليست إرادية بل هي ملزمة لها، حيث ستجد نفسها في كل الأحوال مسرحاً لعمليات رد الفعل الإيراني الحوثي، رغماً عن محاولتها الوقوف في المنطقة الرمادية المحايدة.
كل ما يرشح من معلومات، يذهب بنا نحو الاستنتاج إن اليمن ليس في وارد الحل التفاوضي، وإن إنعطافة حادة تنتظره، قوامها التغيير عبر القوة وفرض إنهاء الحرب بلغة دبلوماسية الحرب.
“اكسيوس” أكدت إن ترامب سيكون أكثر عدوانية تجاه الحوثي، ومع ذلك لن يجعل المواجهة معركته وحده، بل معركة توليفة من الحلفاء يجمعهم نسق واحد، من الناتو وحتى السعودية دون إبقاء مصر وهي القوة الوازنة في الإقليم خارج مسرح الصدام القادم.
تضخمت قدرات الحوثي متجاوزة السقف المسموح، وتخطت محرمات السياسة الأمريكية وهي الطاقة وإسرائيل، وفي عهد ترامب رجل الصفقات، سيحزم بضاعته ويجول بها عند ملوك النفط، سيحارب من أجل تل أبيب واقتصاد الطاقة، ولكن هذه المرة بالمال الخليجي وبشيكات مفتوحة على أرقام فلكية.
هو تاجر شنطة سيبيع الحماية، ويذود عن مصالح بلاده والحلفاء، دون أن يدفع بنساً من الخزانة الأمريكية، أو دولاراً من أموال دافع الضرائب.
حالة تدافع عواصم القرار، نحو تنسيق ووحدة المواقف المناهضة لإيران والحوثي، تقودنا إلى حقيقة واحدة: هي الحرب إذن.