بعد عقود من الحكم والقمع والاستبداد خرج الشعب السوري قبل سنوات (٢٠١١م) بالملايين ليقول ارحل يابشار.
باعتبار الشعب صاحب الحق معلنا أن الكأس قد فاض،
حينها اعتبر هذا الخروج السلمي قلة أدب وأن الشعب (عديم تربية) كما جاء في إحدى خطابات بشار الأسد المتفلسفة ليؤكد أن هناك (ملايين عديمي تربية) وأردف شارحا إذا كان هناك مليون فإن كل واحد وراءه خمسة أو ستة من أسرته يعني(ملايين) وهو قول غريب لم يقله أعتى الطغاة.
وعليه بدا في عملية تربية قاسية للشعب (قليل الأدب وعديم التربية) لتكون عبرة حتى لا يرفع أحد حاجبيه إلى الأعلى ويؤمن حكمه إلى الأبد وعبر الأجيال توارثا للذل والرعب و(التربية) على ما يشتهي الوزان.
كانت التربية بقسوتها كفيلة بتحويل الشعب إلى (فراخ ودجاجات) ممنوع لها حتى أن (تقاقي) إلا في مدح الرئيس ونظامه متناسين مكر الأيام ودوران الفلك لصالح المظلوم.
طالت هذه القسوة امتداداً لقمع أبيه وأسلوبه في تربية الشعب الذي كان أبرزها مذابح(حماة) التي ذبح فيها أكثر من أربعين ألف وزج بالآلاف في السجون معظمهم لم ير الشمس وخرجوا إلى القبور ولمن عاش منهم لم يرى النور إلا يوم أمس عندما وصل الثوار وفتحوا السجون كان بعضهم ممن سجن قبل أربعين عاما (تصوروا) منهم من دخل السجن وعمره ١٦ عاما ليخرج كهلا يهلل لحرية سوريا ويسجل شهادة ناطقة على طغيان الحاكم العربي وخبثه.. لا أحد يجد تفسيرا لهذه القسوة؟!
الابن بشار كان أقسى من أبيه في أسلوب تأديب الشعب وتربيته حيث أخرج كل الأسلحة وكل الجيش والأمن والشبيحة التي يفترض إنها قوة لحماية الشعب.
وإلى جانب الذبح ضرب الشعب بالبراميل المتفجرة والدبابات والمدافع والطائرات لم يكتف فضربهم بالأسلحة المحرمة (الكيماوي)؟؟!! وأدانه العالم ثم تغاضى عنه لحاجة وأطماع في نفس المجتمع المتمدن الأكثر حقارة؟!
ولم يكتفِ بسلاحه المحرمة وغير المحرمة وجنده فاستدعى النظام الإيراني ومليشياته الطائفية المتنوعة التي استدعت معها أحقاد التاريخ لنصرته والانتقام من قتلة (الحسين) وبناة المسجد الأموي قبل أكثر من ١٤ قرن من الزمان وكان لهؤلاء وحشية فظيعة مدعومة بعقيدة دينية سوداء، باعتبار القتل تقربا إلى الله وانتقاما للحسين وزينب وفاطمة الزهراء؟؟؟!!
وكان هؤلاء فرسان الذبح الأكثر بطشا بلا رحمة تحت شعار وا(حسيناه) مع بكاء على حدث، حدث قبل قرون دون الالتفات لقتل أبرياء لا شأن لهم بموقعة (الجمل (ولا(صفين) ولا (كربلاء) إنها إحدى مصائب الأمة الإسلامية الكبيرة.
لم يكتفِ بشار بكل هؤلاء المستنفرين للذبح القادمين من إيران والعراق وأفغانستان وجهات عديدة فاستدعى(روسيا) الدولة العظمى ذات الأطماع الجريحة لتمطر المدن السورية صواريخ مدمرة وأحزمة نارية دكت فيها مدنا وأحياء كاملة كل هذا لأن الشعب (عديم تربية وقليل أدب) ورفع صوته بالحرية.
ظن بشار ومن معه من الحلفاء الطامعون أن الأمر استتب إلى الأبد وأن الشعب السوري قد تربى وان لم يتربى فقد زرع فيه الرعب لأجيال قادمة.
تم تهجير الملايين من بيوتهم باعتبارهم شعب آخر غير متجانس مع شعب بشار كما تقول أدبيات بعض مثقفيهم.
لم تمر بضعة سنين إلا والثورة قد شبت وتصلب عودها والطفل الذي هرب لاجئا مع أمه عاد قائدا جسورا بعد أن توعد:
(سنعوود عندما نكبر) وعادوا في فجر لا ليل فيه
حيث تحركت جموع الشعب بعد أن تربى جيدا وتأدب كما ينبغي واستفاد من تربية النظام ليعود هذه المرة ليس محاربا سلميا بالصدور العارية وإنما بالأسلحة وإرادة القتال والثورة ليجد الدكتاتور الأسوأ والأعنف نفسه أمام إعصار هادر لا قبل له بهم ولا لحلفائه وبراكين لا تتوقف فخرج ليلا.
وأعلن الشعب فجر سوريا وانتهاء غسق النظام الذي ظن الكثير استحالة زحزحته
لنرى ثورة شعب من أقوى الثورات في الوطن العربي
وثورة من أنظف الثورات وأرشدها لتدهش العالم ويصفق لها البعيد والقريب معجبا بقوة البأس الثوري ونظافة اليد وروح التسامح المعلن قولاً وعملاً ليقدموا نموذجاً نظيفاً لثورة الشعوب.
سوريا تستحق الحياة والشعب السوري شعب عظيم نتمنى أن يترك ليبني دولته بنموذجية تناسب نموذجية ثورته التي فاجأت الجميع ونالت إعجاب الناس وكسبت مكانا في صدر التاريخ.