ضربات الكيان الصهيوني تتلاحق، وشهيته لالتهام المزيد من أرض العرب تزداد نهما، تتسع خطواته لتطال بقاعا من الوطن العربي مسكوت عن مظلمتها، ومهضوم حق أهلها في السيادة عليها وامتلاك زمام الأمور فيها!
ترتفع أعداد ضحاياه من الأبرياء؛ حتى تتجاوز في غزة الأربعة ألاف شهيد، وأعين العالم المتحضر ترمق الموقف برضا، وبلغت قلوب العرب الحناجر وظنوا بالله الظنونا...!
ثم بين عشية وضحاها تحدث انفراجة كبرى غير متوقعة في شامنا الحبيب؛ فتية آمنوا بعدالة قضيتهم انبعثوا كطائر الفينيق من بين الرماد، ساروا نحو غايتهم بهدوء، فانفتحت أمامهم المدن الواحدة تلو الأخرى، وخلال عشرة أيام حدث ما لم يكن يتوقعه أحد؛ لقد فر الأسد!
فهلّل العرب، وصفق النظّارة، واقشعر بدن المتابع الحصيف -للسقوط الدراماتيكي لنظام الأسد- من هول ما انكشف من جرائم أسرة الأسد، وأخذه العجب من فظاعة وقبح ما فعله هذا النظام الطائفي القمعي بالشعب السوري!
وهنا حريّ بنا الوقوف وقفة تأمل والتساؤل:
هل كان الأسد على علم بما يجري بين أروقة دولته العلوية، وفي دهاليز حكمه الديكتاتوري المتعسف؟
هل كان على دراية بتفاصيل هذه الجرائم النكراء التي نالت المئات بل الآلاف من بني شعبه لمجرد أنهم معارضين لحكمه؟
وهل بلغه بأن شقيقه " ماهر" هو " الديّلر" العالمي، الذي أغرق سوريا ودول المنطقة بطوفان " الكابتاغون" المخدر؟
حتى أن البعض أطلق على سوريا مسمى" جمهورية الكبتاغون" !
يؤكد العديد من المحللين السياسيين والمهتمين بالشأن السوري بأن الأسد كان على علم بذلك؛ بل قد يكون هو العقل المدبر لكل تلك الجرائم!
في الواقع، إن سجل بشار الأسد الإجرامي يؤهله ليكون بأعلى قائمة الحكام الأكثر سوءا في التاريخ الحديث، بل ويضعه تحت طائلة العقوبات الدولية؛ لكن يبدو أنه قد نجا، وها هو ينعم بالدفء والأمان في عرين حليفه الروسي، بعدما تخلى عنه حليفه الأقرب" صاحب العمامة السوداء"!
وباعتبار ما سبق فإن النتيجة الحتمية هي اتجاه أنظار الجميع إلى بيادق الظل، وهي أيادي بشار السوداء التي ستتحمل وزر أفعاله كلها بعد هروبه!
والمفارقة المضحكة المبكية هي أن هذه البيادق لم تحسب من قبل حسابا لهذا اليوم، الذي يجب أن يدفع فيه أحد ما فواتير جرائم الأسد.
وقد سمعنا" أحمد الشرع "يُصرح في أكثر من مناسبة بأنه لا يسعى وراء الانتقام؛ غير أنه استثنى من ذلك أيادي بشار السوداء؛ بيادق الظل التي باشرت تنفيذ جرائمه في حق شعب سوريا.
والأمر لا يقتصر على الداخل السوري فحسب؛ فها هي أمريكا قد بدأت تفصح عن أسماء بعض هؤلاء البيادق وتطالب بالقصاص منهم.
في الحقيقة، إن الرسائل التي يتضمنها المشهد السوري واضحة وكافية لإيقاظ وعي وضمير من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
والمثل اليمني القديم يقول " السعيد من اعتبر بغيره "!