الاجتماعات التي عقدها رئيس مجلس القيادة الرئاسي في عدن، خطوة متأخرة لكنها ضرورية في ظل تسارع المتغيرات الإقليمية والدولية.

انعقاد اللجنة الأمنية العليا في هذا التوقيت كان يفترض أن يكون محطة مفصلية لإعادة ترتيب الأولويات وتحديد خيارات المواجهة.
لكن، رغم أهمية انعقاد اللجنة، يبقى السؤال المصيري: هل خرجت هذه الاجتماعات بقرارات حاسمة تواكب خطورة المرحلة؟
للأسف، الخبر الرسمي الصادر عن وكالة "سبأ" لم يحمل أي مؤشرات على قرارات تتناسب مع حجم التهديدات القائمة، خصوصًا بعد تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية دوليًا، والهجمات العسكرية الأمريكية على مواقعها.
• شرعية عاجزة أمام مشهد دولي يتجاوزها
بينما يتحرك المجتمع الدولي بخطى متسارعة لمواجهة مليشيات الحوثي عسكريًا، ما تزال الشرعية تترنح في مربع الضبابية والعجز.
والأخطر من ذلك، أن المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، بدأ يتعاطى مع الملف اليمني وكأن الشرعية ليست طرفًا أساسيًا فيه، وبدأ يبني مشهدًا سياسيًا وعسكريًا بمعزل عن الحكومة الشرعية.
تصريحات مسؤولين أمريكيين بارزين، بمن فيهم الرئيس الأمريكي ترامب ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي، تحدثت بوضوح عن استعداد واشنطن للتعاون مع الحكومة اليمنية "إذا أظهرت الجدية"، وهي رسالة خطيرة تعكس فقدان الثقة في جدية الشرعية
• مخاطر خطيرة لتفرد المجتمع الدولي بالحوثي دون الشرعية
1. بقاء الحديدة تحت سيطرة الحوثي يعني بقاء 70% من الممرات البحرية الاستراتيجية تحت تهديد إيران.
2. السيطرة على الحديدة تمنح الحوثي شريانًا اقتصاديًا غير محدود عبر الميناء الذي يُستخدم للتمويل والتهريب.
3. استمرار سيطرة مليشيات الحوثي الارهابية على صنعاء يُبقي العاصمة رهينة لإيران، ويجعلها قاعدة دائمة لتصدير الإرهاب للداخل والإقليم ويكرس وجودها لعقود قادمة
4. مليشيات الحوثي تسيطر اليوم على شركات اتصالات وأموال وأجهزة أمنية حولتها إلى أداة قمع وإرهاب لفرض هيمنتها على الشعب
5.وصول المجتمع الدولي الى مرحلة التفاوض مع مليشات الحوثي منفردًا لتأمين الملاحة، من شأن ذلك ان يمنحها شرعية الأمر الواقع، ليضعف أي أمل لاستعادة الدولة.
أين تقف الشرعية؟
بدلاً من أن تكون الشرعية في طليعة من يقود المعركة ضد مليشيات الحوثي، نجدها رهينة لمواقف مترددة، وأسيرة لهيمنة القرار السعودي الذي فاوض الحوثي وإيران بعيدًا عنها، وجعل القرار اليمني مرهونًا بإرادة الرياض
•• المطلوب اليوم؟
1. إعلان صريح وواضح بفشل المسار السياسي والسلمي مع مليشيات الحوثي.
2. الإعلان عن خيار الحسم العسكري كطريق وطني لا بديل عنه.
3. التحرك لبناء تحالف دولي حقيقي بقيادة الشرعية، لا بقيادة أجنبية تتجاوزها.
4. إلزام التحالف العربي برفع اليد عن معركة الحسم، أو إفساح المجال للشرعية لتقرير مصير المعركة.
5. إعادة بناء الجيش الوطني وتعبئة وطنية شاملة لخوض معركة التحرير.
على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة أن يدركوا أن التاريخ لن ينتظرهم طويلاً.
أما أن يتحركوا اليوم ليقودوا معركة تحرير اليمن، أو أن يتركوا مكانهم لمن هو أكثر شجاعة وصدقاً مع الشعب.
إن الوقت الذي يضيعونه في المشاورات والاجتماعات الباهتة، تستثمره مليشيات الحوثي لتعزيز قوتها وبناء تحالفاتها الدولية.
إذا لم تتحركوا اليوم، فلن يبقى وطن تتحركون من أجله.
إذا لم تتخذوا قرار الحسم الآن، فلن يبقى هناك شعب يؤمن بكم أو يثق بكم.
• لا بديل عن الحسم العسكري لاستعادة الدولة
اليمن اليوم يقف على مفترق طرق.
إما قرار وطني شجاع يقود معركة التحرير حتى صنعاء والحديدة،
أو استمرار العجز حتى نرى صنعاء والحديدة تسقطان في يد الحوثي للأبد، تحت رعاية دولية جديدة.
المسؤولية أمامكم.. فلا تخذلوا الوطن.
"من لا يقود معركة التحرير اليوم، لا يستحق قيادة اليمن غدًا."