بيان البنك المركزي التابع لمليشيات الحوثي الذي تضمّن اتهامات مباشرة وتهديدات للسعودية والإمارات بالوقوف وراء الضغوط التي تتعرض لها البنوك لنقل مراكزها المالية من صنعاء إلى عدن، لم يكن مجرد انفعال سياسي، بل يعكس محاولة يائسة لوقف مسار التصحيح المالي الذي يهدد شبكة تمويل المليشيات.
قراءتي لهذا البيان تذهب إلى ما هو أعمق من ظاهره، إذ يأتي في سياق تناغم خفي يهدف إلى إعاقة عملية نقل المراكز المالية، بما يخدم تثبيت سلطة الأمر الواقع الحوثية.

وما يزيد هذا التوجّه وضوحًا هو حديث المليشيات عن تفاهمات ثنائية مع السعودية تمنع نقل المراكز المالية للبنوك إلى خارج صنعاء، وهو ما يُعيد التأكيد على أن الرياض، ومن خلال هذه التفاهمات، لعبت دورًا معوّقًا لكل الإجراءات الاقتصادية والعسكرية والسياسية التي يفترض أن تتخذها الشرعية اليمنية لمواجهة المليشيات.
إن تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية دولية وما تبعه من فرض حزمة عقوبات اقتصادية صارمة، يجب أن يُفعّل بشكل كامل ودون أي خضوع لضغوط سياسية، بما في ذلك الضغوط المحتملة من الشقيقة السعودية.
فتباطؤ مجلس القيادة والحكومة الشرعية في التعاطي الجاد مع هذا القرار لا يمكن فصله عن وجود نوايا إقليمية لامتصاص الزخم الدولي، وكسب الوقت، وإعادة إنتاج نفس المعادلة السابقة التي ضمنت بقاء الحوثيين كطرف سياسي مقبول.
وفي الخلاصة، فإن ما يفرضه الواقع اليوم هو موقف وطني شجاع من جميع القوى السياسية والمجتمعية والنخب الوطنية، يتمثل في ممارسة أعلى درجات الضغط على الحكومة الشرعية للقيام بمسؤولياتها الكاملة تجاه هذا القرار الدولي الهام، ومباشرة الإجراءات الاقتصادية الكفيلة بتجفيف منابع تمويل مليشيات الحوثي، ومنعها من مواصلة حروبها على الشعب اليمني.
كما أن على الحكومة أن تتخذ إجراءات فورية تجاه البنوك المتخاذلة أو المتمردة على قرار نقل مراكزها المالية إلى المناطق المحررة، وذلك من خلال:
- إدراجها ضمن قوائم العقوبات.
- التشهير بها إعلاميًا.
دعوة المواطنين إلى سحب أموالهم ومدخراتهم منها، كونها باتت تُشكّل خطرًا حقيقيًا على أموالهم، وتعمل فعليًا كأذرع مالية لمليشيات إرهابية.