;
د/عبد العزيز المقالح
د/عبد العزيز المقالح

اللعب بالأسماء لعب بالجغرافيا 1192

2014-11-02 15:54:13


لن يكون غريباً إذا ما أتى الغد القريب وقد تحوّل اسم العراق إلى شيء آخر، وكذلك أسماء سوريا ولبنان ومصر وغيرها من الأقطار العربية . فالذين تمكنوا من تحويل اسم فلسطين إلى "إسرائيل" هم أنفسهم الذين يسعون الآن إلى تحويل الأسماء التاريخية لهذه الأقطار وتبديلها بأسماء تتناسب مع مفاهيم الشرق الأوسط الجديد . وما دفعني إلى كتابة هذه الملاحظات هو ذلك التلاعب الذي تقوم به وسائل الإعلام الأجنبية وتتماهى معها -دون وعي- وسائل الإعلام العربية، في الاسم التاريخي لمدينة "عين العرب" وكيف بدأ الإعلام الموجه في استخدام الاسمين معاً القديم والمفتعل "عين العرب كوباني" وبعد فترة يتناسى الإعلام اسم "عين العرب" ويبدأ يركز على "كوباني" وهي لعبة إعلامية ممنهجة ومدروسة، ولم تكن وليدة الصدفة، والهدف منها لا تخفى دلالته الواضحة وتتجلى في العداء للعروبة ولكل ما هو عربي .

"عين العرب" هو اسم المدينة موضوع الصراع الدائر بين المقاومين الأكراد وقوات داعش، ومن يراجع التاريخ القريب والبعيد يدرك أن الأشقاء الأكراد لم يحاولوا تغيير تاريخ هذا الاسم التاريخي للمدينة، وما أظنهم يفكرون في تغيير اسم مدينة تعايش فيها العرب والأكراد قروناً، كما لا أظن أن الدولة العثمانية قد فكرت في عهودها المتعاقبة إلى عهدها الجديد أن تغير أسماء أكثر أهمية ومنها منطقة "ديار بكر" على سبيل المثال، وهذا الاسم أكثر انتشاراً في الواقع والتاريخ، لكن القوى إياها المعادية للعرب وتاريخهم وحاضرهم وأرضهم هي المشغولة منذ سنوات بإعداد خارطة أو خرائط تغيير شاملة للوطن العربي لا تقف عند إنعاش المكمون الطائفي والعرقي بل تطمح في تغيير أسماء المدن والمناطق والمواقع بما فيها تلك الأسماء الراسخة في وجدان الناس وفي شواهد التاريخ وآثاره الثابتة على وجه الأرض .

والمؤلم والجارح أن الأنظمة العربية، والمعنية منها بهذه التشويهات لا تحرك ساكناً ولا تقول شيئاً وكأن ما يحدث أمر مفروغ منه ولا يستحق أن نشير إليه من قريب أو بعيد، وما يشغل هذه الأنظمة ويقلق بال قادتها هي هذه الخلافات الهامشية التي يعود بعض أسبابها إلى العصر الجاهلي، ومع ذلك لا تزال تحرك العصبيات وتثير الحروب وتسقط بالعقول إلى أدنى درك يمكن تصوره . وهو ما يمكن العدو في وجوده الظاهر والخفي يرسم الواقع الجديد على مهله وبحرية تامة واثقاً من أن الخلافات المنحدرة من العصور القديمة سيتم إحياؤها والتمكين لها في أن تحتل اهتمام الأنظمة والناس في هذه البقعة "المسائية" من أرض الله . والذين فقأوا عين القدس لن يعجزهم أن يفقأوا عين العرب المدينة وعيون بقية المدن الراكعة والمستسلمة للمصير المجهول .

إن الضعف يغري الأقوياء هكذا يقول الواقع، والفراغ أيضاً يغري . ولا ينكر أحد أن العرب في هذه الفترة يعيشون أسوأ حالات ضعفهم، ولم يصلوا إلى هذه الحال بجهود من أعدائهم فحسب؛ وإنما بجهودهم وبما ارتكبوه في حق أنفسهم من خطايا وآثام، ومن الصعب أن تتغير أوضاعهم المحزنة إلاّ بمعجزة تعيد إلى أنظمتهم المختلفة قدراً من الوئام والنظام والشعور الجاد بأهمية نسيان كل خلاف والبدء بالعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كرامتهم وسمعتهم ووجودهم كأمة .

وبالعودة إلى تسمية "عين العرب" يقول الأكراد إن اسم "كوباني" حديث النشأة، ولا معنى له في الكردية وقد استحدثته شركة ألمانية كانت تمد سكة الحديد الواصلة بين اسطنبول وبغداد عبر شمالي سوريا، وبذلك يكون الاسم المعروف والمتداول والتاريخي للمدينة هو "عين العرب" لا "كوباني" .

الخليج الإماراتية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد