د. فضل بن عبد الله مراد *
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال "يقول الله لعبده يوم القيامة: عبدي مرضت فلم تزري فيقول العبد وكيف أزورك وأنت رب العالمين فيقول الله مرض عبدي فلان فلم تزره أما أنك لو زرته لوجدت ذلك عندي.
عبدي استطعمتك فلم تطعمني فيقول العبد وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول الله استطعمك عبدي فلان ولم تطعمه أما أنك لو أطمعته لوجدت ذلك عندي.
عبدي استسقيتك فلم تسقني فيقول العبد وكيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول الله استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي.
هكذا أيها الأخوة يبتلينا الله بمرض عبد فنقصر في زيارته ويبتلينا الله بإرسال من يطلبنا طعام أو ماء فنعرض.
إنا بعضنا لبعض فتنة كما قال تعالى: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنه أتصبرون".
إن المريض إذا أصابه مرض يعتبر هذا المرض فتنة له أيصبر لهذا الابتلاء؟ ويعتبر أيضاً فتنة للأصحاء هل يقومون بزيارته وبواجب الحق الإيماني تجاهه الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ مبيناً أن الزيارة من حقوق أهل الإيمان.
إن رجلاً يأتي إليك ليسألك طعاماً ابتلاء لك وله. . إن الله هو الذي أرسله إليك وخصه بهذا الوضع وخصك بتلك المسؤولية هكذا يريد الله أن يكشف بواطن الأمور وأن يظهر المحسن من المسيء فهذه الحياة تعتبر قاعة اختبارات كبرى وقاعة دراسات متعددة لأنها جامعة ومدرسة وفيها العديد من الاختبارات والابتلاءات التي نتعرض لها يومياً فمن الناس من ينجح في هذه الاختبارات ويتخرج برتبة الشرف ومن الناس من يفشل نتيجة فشل نفسه الأمارة بالسوء.
إن هذا الحديث يكشف حقيقة شرعية أخرى هي وجوب زيارة المريض وإننا مسؤولون عن زيارته أمام الله. . يا للهول أنسأل عن زيارة المريض؟ نعم مصداقية للحديث مرض عبدي فلان فلم تزره هكذا تكون الحقائق وهكذا يكون الاستفسار النهائي إنها من ضمن الأسئلة الهامة. . إذ نحن مسؤولون عن زيارة هؤلاء المرضى حسب الاستطاعة لكل من عرفته من الأخوان أو الجيران أو بلغك مرض من تستطيع زيارته فعليك ذلك حتى تخفف عن نفسك السؤال.
فكيف لا تزوره إذاً. إن الزيارة لمريض هي إحياء لنفسه وسرور وانبساط في باطنه إنها حياة مستقلة حينما يشعر صلته بهذا المجتمع يشعر بإحساس إخوانه ورحمتهم وبذلهم أتدرون أن هذا جزء من العلاج؟
سرور ينبعث في صدره وصحة تسري في جراحه لكن ماذا لو لم يزره أحد!!
إن ظلمات الحسرة وآلامها تزيد من الألم والمرض ينعكس على صحته وتحسنه.
ثم هناك درس آخر له حينما يرى الأصحاء كم يتمنى الصحة كم يعزم على عدم التفريط كم يندم على لحظات الصحة التي ضاعت منه.
فعلاً إن المرض حياة جديدة فيها ومنها محطات تربية لكل المجتمع.
محطات تربية للمريض وللزائر أن يحمد الله على نعمته ويتعبد الله بصحته وبزيارته لأخيه تزرع في نفسه معاني الإيمان معاني العطاء معاني أنه إنسان فلنتوجه إذاً لإخوان لنا مرضى بالقلب بالكلى بالكبد بالسرطان بالعيون بالعجز بالأمراض النفسية.
هيا أيها الأخوة أيها التجار، أيها المؤمنون لا تجعلوا المريض مقبوراً في بيته أو سريره وهو حي فلنترك العجز ولننفض الكسل ولنتخلص من الشح ولنتعبد الله بزيارة مريض وإطعام جائع وسقي عاطش.
* أستاذ مقاصد الشريعة وأصول الفقه وقواعده بجامعة الإيمان
