;

لغة دمشق.. مدينة ذات أسوار وأبواب ونوافذ 899

2008-04-30 12:05:35

غالية خوجة

منذ عرف الإنسان الاستقرار، وجد في دمشق طمأنينته، فكانت المكان الأعرق والأنقى والأول. . ولأن دمشق، باختصار، هي الحضارة والإنسان والتاريخ والشعر والاحتمالات الأكثر شفافية وإشعاعاً، فإنها تلزم نفسها وبشكل عفوي بقضايا البشرية من خلال حوارات الحضارة، أو حوار الحضارات، لعلها تجعل الآخرين يرون التسامح كما تراه بموضوعية لا تخلو من العدل، والحق، والجمال.

دمشق التي حملت، بتلقائية، على عاتقها مختلف القضايا العالمية المصيرية، تحمل، ومن باب أولى، قضايا العرب لعلهم يصلون إلى موقف واحد يعيد الحقوق لأصحابها من خلال السلام العادل الشامل.

دمشق الأبدية، منذ الأزل، تفعل ما يجب أن يُفعل. . وكما قال الرئيس بشار الأسد في احتفالية عاصمة الثقافة العربية : "هذه المدينة ذات أسوار وأبواب. . لكنها لم تغلق نوافذها في وجه الريح يوماً. . فما من ريح هبت على دمشق ودخلت من نوافذها المشرعة إلا وأخذت من روحها. . فهي تأخذ خيوط النور من أى شمس كانت. . لكنها تغزلها في نولها الخاص لتعيده إلى العالم بساطاً دمشقياً مزركشاً بقيم التسامح والإخاء والمحبة. . إنها لا تكف عن صناعة هديتها دون أن تفقد جوهرها. . تعبر عن ذاتها بكل صنوف الأدب والفن والفكر والفلسفة والتصوف والعقائد. . وتتناغم فيها الأديان وتتحابّ. . وكما أن قدسنا هي درب من مروا إلى السماء، كذلك دمشقنا هي درب السماء إلى العالمين". . . " ولن يستقيم الحديث عن ثقافتنا العربية دون أن تكون لغتنا العربية الأساس المتين لهذا البيت. . لذلك علينا أن نعلى من شأنها فهي لغة القرآن الكريم الذي تتوجه نحوه مئات الملايين. . لغة مكتوب بها نصف تاريخ العالم، وتاريخ علمه وأدبه. لغتنا لغة الشعر العظيم والفكر والفلسفة والعلم".

وليكون لهذه اللغة دورها الفاعل في زمن الاحتلال والقهر والعولمة المعتمة، فلنا أن نتنبّه كعرب إلى الأسس الأولية لهذه اللغة بموروثها الإنساني، ومخزونها الثقافي والعلمي والأخلاقي، ومصيرنا المستقبلي المتعلق بها، وذلك من خلال الشعور بالهوية الواحدة والقومية والتغلب على أزمنة الصراع التي نعيش أحلك مرحلة من مراحلها، والتي تحدث عنها باستبصار حاذق الدكتور الأسد في مؤتمر القمة حيث قال:" ولقد عملنا بكل إمكاناتنا على تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح هذه القمة، وسعينا لتجاوز الكثير من العقبات التي تعترض سبيلها، ولا سيما أننا ندرك جميعاً صعوبة المرحلة ودقة التطورات التي تشهدها منطقتنا، بحيث لا نغالى إذا قلنا إننا لم نعد على حافة الخطر، بل في قلبه، ونلمس آثاره المباشرة على أقطارنا وشعوبنا، وكل يوم يمر دون اتخاذ قرار حاسم يخدم مصلحتنا القومية، يجعل تفادى النتائج الكارثية أمراً بعيد المنال.

ومهما تكن آراؤنا حول طبيعة هذه الأخطار وأسبابها وسبل مواجهتها ومن الطبيعي أن يحمل أبناء الأسرة الواحدة أفكاراً متعددة تجاه القضية الواحدة، فإن مما لا شك فيه أننا جميعاً في قارب واحد أمام أمواجها العاصفة، وأنه لا بديل لنا عن التشاور والتضامن والعمل المشترك لتوحيد صفوفنا واستعادة حقوقنا وإنجاز التنمية لبلداننا، فنحن نعيش اليوم في عالم يشهد تحولات بالغة الأهمية ترسم اتجاهاتها القوى الدولية الكبرى، ما دفع العديد من دول العالم لتشكيل تجمعات إقليمية تدعم قوتها وتعزز مصالحها، أي حتى ولو لم يكن هناك أي جامع آخر فيما بينها فحرى بنا أن نجتمع ونتعاون ونحن نشكل تجمعاً قومياً طبيعياً يمتلك كل عوامل النجاح التي تتجاوز ما يمكن أن يملكه أي تجمع آخر في العالم، و خاصة أننا نعيش جملة من التحديات التي تهدد تماسك بنياننا الداخلي، وتجعل من بعض أقطارنا العربية ساحات مفتوحة لصراع الآخرين عبر الصراع بين أبنائه أو هدفاً للعدوان والقتل والتدمير من قبل أعدائنا، ولا شك أن هناك عقبات تواجه رغباتنا وتطلعاتنا إلى تحقيق ما نريد، ذلك أنه وعلى الرغم من اتفاقنا في معظم الأحيان حول الأهداف فإن ثمة تقديرات متباينة في الرؤية وطريقة المعالجة، وهذا ليس مشكلة عندما يتوافر الحوار الصادق، فحوارنا وعمق قناعتنا بضرورة المبادرة إلى اتخاذ مواقف فاعلة ستزودنا بالقدرة على تجاوز الصعاب، من خلال معالجتها بواقعية وصراحة أخوية وبتطلع صادق نحو المصلحة العربية".

للقارئ أن يتلمّس تنويعات اللغة المتناغمة مع الكيفية المتفهمة لإيجاد وحدة عربية من نوع ما، ولإيجاد الحلول لما نمرّ به نحن والعالم، ومن معنى ثالث، لإيجاد بصيرة جديدة لمفهوم اللغة التي تتنوع منشئة محوراً مركزياً بين فعلى الثقافة والسياسة لتنتج لغتها الأهم، وأعنى " لغة الوطن " التي علينا أن نصونها جماعات، وأفراداً، رؤساء ومواطنين، علماء وأدباء. .

وطالما بقيت " لغة الوطن" مهددة فإن وجودنا وأمننا وكينونتنا مهددة أيضاً، ليس من قبل العدو فقط، بل من قبل أنفسنا، وأقصد هنا من قبل بعض هؤلاء الذين لا يتقنون اللغة بإشاراتها وتنويعاتها وحضوراتها الماضية والحاضرة والمستقبلية، والتي لا بد أن تتكامل مع ركائزها الأساسية من تقسيمات على اللغة كالسلام والحقوق واسترجاع الأراضي المغتصبة والعدل والأمن والاستقرار. .

وإذا لم نتعاون كعرب على فهم اللغة بكل مفاتيحها، وفضاءاتها الأوسع، وبوصلتها الأكثر دقة، فكيف لنا أن نكون كلا واحداً في زمن الصراعات الساعي إلى انقراضنا أو تفريقنا على الأقل؟!

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد