عبدالوارث النجري
في زمن انتشرت فيه وسائل اللهو والمجون والقنوات الفضائية والأفلام والمسلسلات الإباحية والمراقص ومحلات بيع الخمور والمخدرات وأماكن الدعارة وغيرها من الوسائل والفواحش التي تهدف للقضاء على القيم والمبادئ والتعاليم الإسلامية السمحاء، في زمن عق فيه الولد أباه وأقدم الوالد على ذبح فلذة كبده، في هذا الزمن كم نحن اليوم في أمس الحاجة إلى محاضرة قيمة لشيخ فاضل يعرفنا بأمور ديننا ويذكرنا حين الغفلة بعيداً عن السياسة والحزبية وحباً في ديننا الإسلامي الحنيف وحرصاً على قيمه وتعاليمه ومعتنقيه، وعملاً بنصوص القرآن الكريم "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكراً.. الحديث"، لكن ويا للأسف من أن نسمع عن مقترح تقدم به فضيلة العلماء الأجلاء إلى فخامة رئيس الجمهورية لإنشاء هيئة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتعاون مع الجهات الحكومية المختصة في محاربة الرذيلة والفسق والدفاع عن هويتنا الإسلامية، حتى تشن بعض الأقلام المأجورة لأعداء الإسلام حملتها الشرسة على كوكبة من علماء اليمن الأفاضل الذين يكن لهم كافة أبناء الوطن بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم السياسية كل احترام وتقدير وإجلال، تلك الأقلام التي بحملتها تلك المسعورة على علمائنا كشفت حقيقتها أمام كافة النخب السياسية والثقافية والدينية والحزبية لتظهر نواياها الخبيثة والمرتهنة لأعداء الوطن والإسلام، تلك الأقلام التي ظلت خلال السنوات الماضية من عمر الوحدة الوطنية المباركة تتخذ من المعارضة والكتابات المزيفة باسم الوطن والفقراء والمساكين والمحتاجين والحريات وحقوق المرأة وغيرها قناع تتستر خلفه بهدف تنفيذ خطط وبرامج خارجية مشبوهة تستمدها من العديد من المنظمات الخارجية الاستخباراتية المشبوهة والتي تعمل داخل منطقة الجزيرة العربية بشكل مكثف باسم الحقوق والحريات والعدالة بهدف زرع الفتن والمشاكل والحروب والفقر بين أوساط المجتمعات في دول المنطقة، هذه المؤسسات تعمل مع حلفائها في الداخل الذين يدافعون اليوم عن الرذيلة على إظهار الأنظمة العربية بالعاجزة والظالمة ومن ثم تهييج شعوبها ضدها عبر المظاهرات والاعتصامات وإثارة النعرات والحروب الداخلية واستيراد الأفكار الدخيلة والمشبوهة.
في السنوات الماضية سعت بعض الأقلام التي شنت حملتها الشرسة ضد فضيلة العلماء إلى مجارات تلك المؤسسات وتنفيذ مخططاتها والدوران بفلكها مقابل حفنة وفتات من الدولارات والريالات، حتى صارت تلك الأقلام تتسابق على من يقم بنشر قضايا حقوق الإنسان والمرأة أكثر ومن يكتب حول قضايا الأطفال وكل ما نشر "10%" منه واقعياً و"90%| من خيال أصحاب تلك الأقلام وتلك الصحف بهدف الحصول على المزيد من الأموال التي تقدمها المؤسسات المدنية الخارجية الراعية لتلك البرامج والمخططات، إن هؤلاء مرضى العقول والقلوب الذين صاروا يعارضون كل قبيح دون تفريق ولو جاء إليهم رسول الله اليوم لعارضوه أكثر مما عارضته قريش، هؤلاء الذين يسعون إلى تضليل عامة الناس يدركون تماماً أننا على علم بمخططاتهم ونواياهم المفضوحة، ولو كان العلماء الأفاضل قد تبنوا عملاً مثل تلك الهيئة دون الرجوع إلى فخامة رئيس الجمهورية لكانوا أول من يتحدث عنها وعن أهمية إنشائها ودورها في محاربة الرذيلة التي صارت تنتشر في مجتمعنا المسلم، بل واتهموا الحكومة بمحاربة العلماء وعرقلة إنشاء تلك الهيئة، هذه هي حقيقتهم التي نعلنها والتي سبق وأن فضحتهم في أكثر من مناسبة، هؤلاء المتاجرون بأصوات الناس في الانتخابات لمساومة الحزب الحاكم هم أول من يبيعهم عندما تقدم إليهم الإغراءات وملايين الريالات والمناصب الحكومية، بل إنهم أمام تلك الإغراءات التي يضطر إلى تقديمها الحزب الحاكم يتخلون عن مبادئ وأفكار أحزابهم ويعلنون انضمامهم إلى المؤتمر ولو كانوا صادقين لما تسرعوا في إصدار الأحكام والفتاوى والتجريح بعلماء أجلاء قبل إعلان إنشاء الهيئة ونظامها الداخلي، بل إنهم صاروا يضنون بما ليس من شأنهم وليس لهم علم وإلمام به، نصيحة لهم أن يظلوا كما هم عليه اليوم حول الانتخابات وحقوق المرأة والحيوان حق لا تضطر تلك المؤسسات إلى قطع الفتات عنهم، أما أصحاب فضيلة العلماء فلا تظهرهم تلك الكتابات وأصحابها ولا يعادي الفضيلة إلا هؤلاء الذين أصبحوا اليوم خليطاً متضاداً، لا يمتلكون أي هدف أو مشروع قيم يسيرون على ضوئه، لا القوميين تمسكوا بقوميتهم ولا الإسلاميين حافظوا على دينهم واحترموا علماءهم، وأصبحوا كسلعة وبضاعة في سوق النخاسة الغربيين من يدفع أكثر يحصل عليها، ولأنهم كذلك استطاعوا خلال السنوات الماضية من عمر الوحدة المباركة والنهج الديمقراطي أن ينالوا ثقة الشعب أو يتقدموا خطوة واحدة، فأصوات وجماعات وأحزاب كهذه تبيع علماءها وتشن حملتها الإعلامية الشرسة ضدهم في هذا الزمن إرضاء لأوليائهم الغربيين ومؤسساتهم المدنية المشبوهة هم على استعداد كامل لبيع وطن بأكمله مقابل حفنة من الريالات والدولارات، ولعل الاستحقاق الديمقراطي الذي شهدته البلاد والمتمثل في انتخابات المحافظين خير شاهد على ما نقول ففي الوقت الذي أعلنت فيه قيادات المعارضة مقاطعتها لانتخابات المحافظين، نجد أن أعضاءها في الميدان ما إن سمعوا أن هناك مبلغ "250" ألف ريال لكل عضو مجلس محلي سينتخب حتى رموا قرار قياداتهم وراء ظهورهم وشاركوا في انتخاب المحافظين فهل ستظل تلك الأحزاب وإعلامها تسعى إلى تضليل الناس رغم سقوط الأقنعة.