;

هوية الجزيرة العربية.. إلى أين؟ 844

2008-06-28 12:40:08

عبدالكريم المدي

لعل أهم ما يحافظ على ثوابت أيّ أمة وقيمها وأخلاقياتها وهويتها، وكل ما يندرج ضمن مفهوم الثوابت، من لغة، ودين ومرجعيات ثقافية وعادات وتقاليد وأعراف ومفاهيم - لعل ما يحافظ على هذا ويحميه هو الوعي بأهميته وقيمته وخطورة إهماله والدفاع عنه بشتى الوسائل والطرق والإمكانات.

وكي أقطع طريق الانزلاق في مفهوم أننا نريد إحلال العمالة اليمنية محل العمالة الآسيوية أقول لا نريد هذا البتة، لأن حظنا في هذا البلد الذي انطلقت منه الحضارة العربية بل والإنسانية، وخرج منه اللسان العربي وعمرت قصور المناذرة والغساسنة في الحيرة والحمراء والبتراء وغيرها، حظ هذا الإنسان اليمني اليوم هو أنه أصبح مكروهاً وغير مرحب به لا لشيء إلا لأنه يمني ولأنه يمتلك رصيداً تاريخياً وموروثاً حضارياً يمتد لأكثر من عشرة آلاف سنة قبل ميلاد سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام، كما أن هذا الإنسان الذي ساهم وشارك في فتح بلاد السند والهند والأندلس وصولاً إلى جنوب فرنسا، لا يستحق أن ينظر إليه أو يحترم أو .. أو.. هذا شأنهم.

نعم الإنسان اليمني مكروه وغير مرحب به، لأنه مشهود له برقة القلب وعمق الإيمان وسرعة البداهة والوفاء والإخلاص والشهامة والمروءة والتسامح والتواضع وكل ما له صلة بالإنسانية والحضارة والتاريخ والنجدة والغيرة و و الخ.

فليكن هذا الإنسان غير مرحب به، وليكن منبوذاً، وليكن مكروهاً، وليكن فقيراً.. تباً له ثم تباً له... له الله، لكن هناك بدائلاً لليمني، هناك حوالي (200) مليون عربي، يعيشون أوضاعاً مأساوية ويمتلكون عقولاً نيرة ومبدعة وذكية، وعندهم رغبة للعمل، ويموت منهم الكثير في البحر المتوسط حينما يحاولون العبور إلى الضفة الأخرى بحثاً عن لقمة العيش لماذا لا يتم إحلال جزءٍ من هؤلاء العاطلين محل العمالة الآسيوية - التي حسب الدراسات العلمية - سيشكل الأجانب الذين هم طبعاً آسيويون، في الدول الخليجية بعد 15عام حوالي 60% من مجموع السكان.

يا لها من كارثة، يا لها من طآمة، يا لها من مصيبة ستحل بالجزيرة العربية...!!!

تصوروا أن 60% من مجموع السكان غير عرب، وبالتالي هؤلاء لهم لغة خاصة بهم ولهم سلوكيات خاصة بهم، ولهم ولاءات خاصة بهم، ولهم أسلوب حياة خاص بهم، ولهم ديانات خاصة بهم، ولهم ثقافات خاصة بهم، ولهم أهداف خاصة بهم، ولهم ولهم.. إلى أن ينقطع النفس.

على كلٍ هنا يرى الكثير من المفكرين والمثقفين ومعظمهم خليجيون ومنهم الدكتور علي فخرو - وزير التعليم والصحة البحريني السابق - أن كارثة ستحل بالجزيرة العربية إذا لم يفكر قادات الخليج وحكماؤها وحكوماتها تفكيراً صحيحاً.

وقد استدل الدكتور علي فخرو على هذه المأساة ببعض الأحياء، بل والمدن الخليجية حالياً التي صارت ممسوخة تماماً، حيث لم تعد عربية مطلقاً، وهذا يَدُقُّ ناقوس الخطر، فالمدن التي تُشّد اليوم ويخطط لها في الدول الخليجية من سيسكنها غداً؟ الذي سيسكنها - والجواب هنا بكل بساطة - هم آسيويون إذاً هل من المعقول والمنطق أن تظل أبواب شعوب الجزيرة مشرعة أمامهم، سيما وهم يتدفقون بهذه الأعداد المهولة وكأمواج البحر.

الدكتور علي فخرو وضع عدة حلول، منها وضع حدٍ للعمالة الآسيوية وإحلال عمالة عربية بدلاً عنها ومن الآن وصاعداً والذي يقول العمالة الآسيوية مؤهلة، يرد عليه فخرو بأنه لزاماً على الدول الخليجية تأهيل العمالة العربية، وهذا يُعد أنجح استثمار بل وأهم استثمار لأنه يعني المحافظة على الهوية والثقافة العربية، التي أصبحت اليوم في الجزيرة العربية على المحك، وبالفعل على شعوب الخليج أن تثبت بأنها "تكون أو لا تكون"، لأن الغد سيكون كارثياً خصوصاً عندما تطوق السفن الحربية والغواصات الآسيوية مياه الخليج بحجة حماية (50) مليون آسيوي في المنطقة بعد سنوات.

أخيراً اليمن أيها الأشقاء - وكما سبقت الإشارة - له الله، وكما تعلمون أنه من أكثر شعوب الأرض كفاحاً ومصابرة وكداً، كماأن لديه قدرة على التكيف والتعامل مع الفقر، ولديه أيضاً رصيد تاريخي يمكنه من صيانة كرامة الألم، ولكن أنتم اليوم أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وثقافية ودينية ووطنية يجب عليكم تحملها، لأن التاريخ لا يرحم والأجيال القادمة لن ترحمكم ولن تنسى أو تغفل ما حلّ بها حينما يصبح لسانها هندياً أو صينياً أو بنغالياً، وحينما تحل معابد بوذا وضرائح البقر وأنهار الهندوس الصناعية محل المساجد ومراكز العبادة وتحفيظ القرآن الكريم وحلقات تعليم اللغة العربية - لغة الضاد - .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد