;
أحمد عثمان
أحمد عثمان

غزة.. بوابة العودة الكبرى 114

2025-01-29 00:33:26

مئات الآلاف يتزاحمون بكل شوق، سيول هادرة وأمواج متلاطمة بكل إرادة للعودة إلى شمال القطاع، وكأنهم ذاهبون إلى عرس، وليس إلى بيوت مهدمة وركام تحتها أحباؤهم. بينما يتساءل قادة إسرائيل: أين ذهب النصر المطلق أمام هذا المشهد؟ لقد فشلوا في الانتصار على الروح والإرادة الفلسطينية. يقول الوزير الصهيوني (بن غفير): "هذه المشاهد لا علاقة لها بالنصر المطلق، بل هي استسلام تام." ويقول أحد العائدين: "عائدون ولن ننزح، لقد أخطأنا عندما خرجنا، ولن نخرج من غزة."

إحدى السيدات تقول بأريحية عجيبة لا تخلو من حزن مخبأ تحت نشوة النصر: "فقدت زوجي وأبنائي وأبي وأنا أعود لوحدي، لكننا سعداء بالعودة." وعجوز غزاوية تصرخ: "يا جبل ما يهزك ريح، والبيوت نبنيها، والشهداء الله يرحمهم."

shape3

أي قوة في الأرض يمكنها هزيمة هؤلاء أو تهجيرهم؟ يا لتعاسة (بن غفير ونتنياهو) وهم يروجون لمشروع التهجير الطوعي؟!

الجموع البشرية تتدفق مثل السيل، دون تأخير حتى قبل فتح الحاجز، يعكس أمرًا واحدًا: أن الشعب الفلسطيني يتحرك بقلب رجل واحد ونفس واحدة، بفرح يقولون بصوت واثق: "سنعود إلى بيوتنا."

لم يعد هناك من بيوت. فقد تحولت إلى ركام. فعن أي بيوت يتحدث هؤلاء؟ حيث يسخر منهم الجاهلون، وترتد سخريتهم ذهولًا يسر الصديق ويغيظ العدو.

لم يعد هناك بيوت ولا أثاث، وبعضهم لا أسرة ولا أهل، والكثير منهم تحت الركام، لكنهم سيعودون إلى بيوتهم المنقوشة في أرواحهم، يشمون عطرها، يتشممون ترابها، ويستنشقون الهواء منها. فهم لا يستنشقون سواها، وخمرة التراب تجلب لهم الحظ، تذهب الحزن، وتصنع الحياة. مغروسون في عمق الأرض على مدى الأزمان، ثم يأتي من يقول إنه يمكنه إغراء هذا الشعب بالهجرة الطوعية عن أرضه؟!

وما زال مفتاح بيتهم الذي هُجروا منه في عام 1948م في جيوب الأحفاد.

غزة لم تعد أرضًا كباقي الأمكنة، إنها أرض ناطقة بالعشق، وقوة إنسان خلق ليتشبث بالأرض ويصمد.

غزة أصبحت، وما زالت، رمزًا للحياة ومعنى الوطن، وعنوانًا للتحدي، والوجود، والكرامة، والدين.

لا يوجد في قاموسهم الاستسلام أو رفع الراية البيضاء. سنة ونصف، ونتنياهو وجيشه يضربهم بكل أصناف القنابل، أكثر من مائة ألف طن دمرت كل شيء من أجل رفع الراية البيضاء. وفي ذات لحظة غرور، يقف نتنياهو ليقول لأهل غزة: "تخلوا عن حماس إذا أردتم الحياة، اخرجوا وارفعوا الراية البيضاء." أظن هذا كان كلامه بالحرف، وفي النهاية، نتنياهو هو من رفع الراية البيضاء باكيا. تزلزل الأرض ولا يتزحزح الغزاوي من أرضه، والتجربة ما زالت قائمة.

إنها أرض خصبة بالإنسان. فهذه الأرض تنبت الشهداء والزيتون، ومن خمرة التربة يستخرجون المسك والعنبر وأشياء لا توصف، وتكاد تكون محصورة فيها، حيث لا يضرهم أحد ولا تثنيهم قوة مخلوق. إن عودة شمال غزة المهيب مقدمة وبروفة للعودة الكبرى، وتغيير وجه المنطقة. وما زال مفتاح البيت في النقب ويافا، والقدس محفوظًا تتداوله الأجيال. وما ضاع وطن وراءه شعب جبار.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد