;

إدانة ٌو احْتِجَاجٌ على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني 787

2008-06-30 15:06:57

محمد عبد الرازق أبو مصطفى

Email:MAAM39@hotmail. com

عندما يقابلك بوجهه الطلق الصبوح و تواضعه الجمّ الجميل ، و بوقاره و هدوئه يبدو أمامك شخصاً عادياً "لا له ولا عليه"، و لكنك تُفاجأ عندما تعرف أنه شخصية بارزة و كريمة و أصيلة في آن ٍ واحد ، فهو البروفيسور عبد الفتاح محمد العويسي ( المقدسي ) الخبير الدولي في مجال الدراسات الإنسانية و الاجتماعية ، و زميل الجمعية الملكية التاريخية في بريطانيا ، أسّس العديد من المشاريع الأكاديمية الدولية ، حصل على عدّة جوائز أكاديمية و تقديرية منها : وسام عمدة مدينة ( ستيرلينج ) الاسكتلندية ، و جائزة الإبداع و جائزة الريادة في صناعة التاريخ ، إضافة ً إلى ذلك فهو شخصية بارزة في حزب العمّال البريطاني ( يحمل الجنسية البريطانية ) و له اهتمامات متعدّدة و متنوّعة حول دراسات بيت المقدس و أوّل أستاذ كرسيّ لدراسات بيت المقدس.

قدّم البروفيسور الفلسطيني الأصل / عبد الفتاح العويسي استقالته من حزب العمال البريطاني و ذلك في رسالة وجّهها إلى ( غوردن براون ) رئيس الوزراء البريطاني احتجاجا ً على تصريحاته أمام احتفال أقيم في الكنيس اليهودي ّ بفنشلي بلندن في 8 مايو 2008 م ، حيث صرّح رئيس الوزراء البريطاني : " إن ّ قيام دولة إسرائيل كان أعظم إنجاز في القرن العشرين".

و كانت الرسالة موجّهة إلى غوردن براون في 10 مايو 2008 م حيث جاء فيها : " عندما تحتفل أنت بمرور 60 سنة على قيام دولة إسرائيل ، فإنني أحيي ذكرى 60 عاماً على نكبة فلسطين ، و كوني بريطاني فلسطيني ، فبالتأكيد أن تصريحاتك قد آذتني بشكل شخصي ، و بالتالي أقدم استقالتي من حزب العمال اعتباراً من تاريخه ". كما استفسر البروفيسور العويسي :

" كيف يمكن اعتبار قيام إسرائيل من أعظم إنجازات القرن العشرين ، في الوقت الذي تعد ّ فيه إسرائيل من قبل العديد من الناس أسوأ من جنوب أفريقيا أيام العنصرية. و كما تعلم كونك مؤرّخاً و سياسياً فإن قيام دولة إسرائيل أدى إلى نكبة فلسطين و 6 حروب و تشريد 6 ملايين لاجئ فلسطيني ، و وجود 3 ملايين تحت الاحتلال الإسرائيلي ، و معاناة 1. 5 مليون فلسطيني من التمييز و الاضطهاد داخل إسرائيل ، و 254 كيلو متر من جدار الفصل العنصري و 562 نقطة تفتيش إذلالية و وجود عشرين ألف سجين سياسي في المعتقلات الإسرائيلية ، و وجود 468. 831 مستعمراً جديداً في الأرض المحتلة ". و أضاف أنه بلا شك فإن " مثل هذا التصريح لن يساعد على ما كنت تأمله من أن المستقبل سيجمع سويّة أبناء إبراهيم للعيش معاً بسلام ، فليس هذا هو الطريق لتحقيق السلام في أرض السلام ، و الوسيلة لجمع الفرقاء و المتحاربين ".

و أضاف البروفيسور العويسي : " كنت أتوقع أن الوقت قد حان لكي تعتذر بريطانيا للشعب الفلسطيني عن دورها في تأسيس إسرائيل في المنطقة العربية ، و الذي أدى إلى محو اسم فلسطين ، و رفض الاعتراف بأية حقوق إنسانية أو وطنية أو تاريخية أو سياسية أو دينية للفلسطينيين ،و بعد مرور ستين عاماً من المعاناة المتواصلة و المأساة و المذابح و التطهير العرقي للفلسطينيين ".

و من هنا نرى أنه بالرغم من أن البروفيسور عبد الفتاح العويسي يعيش في بريطانيا ، بل و يحمل الجنسية البريطانية إلا أن ذلك لم يمنعه من الإدانة و الاحتجاج بطريقة حضارية متميزة على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني.

و كلنا يعرف الدور البريطاني اللعين في تمكين العصابات الصهيونية من اغتصاب أرض فلسطين و طرد شعبها ، و إمداد تلك العصابات بالمساعدات و المال و السلاح و الرجال ، و قمع الثورات و كلنا يعرف ذلك الوعد المشئوم الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني آنذاك ( بلفور ) في 2 نوفمبر 1917 م بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

و إذا كان رئيس الوزراء يعتبر أن قيام ( دولة إسرائيل ) هو أعظم إنجاز في القرن العشرين ، فإن هذا لا يدل إلا على مدى التواطؤ مع الصهاينة المحتلين المجرمين ، و الإقرار بكل الجرائم القذرة التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين من قتل و قصف ، و اجتياحات و اغتيالات و اعتقالات و نسف و تدمير للبيوت و تجريف للأراضي ، و ضرب الحصار الغاشم الظالم على قطاع غزة ، كما أنه بذلك يقرّ و يبارك كل الجرائم و المجازر التي ارتكبها الصهاينة في لبنان و التي من ضمنها اجتياح لبنان في صيف 1982 م و ارتكاب مجزرة صبرا و شاتيلا و مجزرتي ( قانا ) و العدوان الأخير في صيف 2006 م على لبنان و تدمير بنيته التحتية بكل الصلف و الغرور و الغطرسة و العنجهية ، و من ناحية أخرى فإن الصمت العربي و الإسلامي على مثل هذه التصريحات ما هو إلا بمثابة الموافقة الشاملة على قيام ( دولة إسرائيل ) و إن يكن بطرق غير معلنة ، و مباركة هذا الكيان العنصري البغيض في وقت تتزايد فيه أعداد اللاجئين في الشتات ، و تزداد معاناتهم أكثر و أكثر ، و في وقت لا تزال فيه المؤامرة مستمرة على اللاجئين بطردهم و تمزيقهم و تشريدهم إلى كل بلدان العالم دون رحمة و لا هوادة ، و دون أن تستقبل الدول العربية أولئك اللاجئين الذين طردوا و شرّدوا نتيجة لحرب الخليج ( تلك اللعبة القذرة ) حتى احتضنتهم استراليا و تشيلي و البرازيل و السويد و النرويج و غيرها من دول العالم ، و قد وصل اللاجئون في الشتات الثاني لأكثر من ( 32 ) دولة يمكن أن تستوعبهم دولة عربية واحدة فقط مهما كانت مساحتها و إمكانياتها متواضعة.

و حتى لا نستطرد كثيراً، و لا نثقل على الأحبة القرّاء ، و حتى لا نخوض في مشاكل نحن في غنى عنها و الكل يعرفها ، فإنني أختصر بل و أختم فأقول : إذا كان العرب يرون أنه لا داعي و لو لمجرّد الإدانة و الاحتجاج على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني أو غيره من الذين هنّؤوا و باركوا قيام ( دولة إسرائيل ) و شاركوها في احتفالاتها التي أقيمت على عذابات و جراحات الشعب الفلسطيني ، و فرحاً بمأساتنا و نكبتنا و اغتصاب أرضنا و مقدّساتنا و اعتقال رجالنا و نسائنا و اغتيال قادتنا و فلذات أكبادنا - فإن البروفيسور عبد الفتاح العويسي قد قام بالواجب عنهم جميعا ، و أسقط عنهم الأمر الذي يحرجهم و يثقل كاهلهم ثقل الجبال ، و نسأل الله سبحانه و تعالى أن يكتب لهم أجر الأمة كاملة ، فهو رجل في أمّة ، يتكلم بلسان الحال لأمة تعدادها يفوق المليار مسلم ، و لكنهم غثاء كغثاء السيل ، و كم من رجال أحيوا موات الأمة بمواقفهم و بكلماتهم ، و لكن كل ما نخشاه هو أن تكون الأمة قد تقزمت حتى صارت تعادل رجلاً واحداً فقط ، و هذه هي الطامة الكبرى ، فلو أننا سمعنا أكثر من مليار إدانة أو احتجاج ، أو أكثر من مليار صرخة ضد مثل هذه التصريحات لما كان حالنا هكذا بين الأمم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد