كروان عبد الهادي الشرجبي
"الحقيقة المرفوضة"
لا شك أن أصعب اللحظات المؤلمة التي تعيشها عندما تتجرع كأس الظلم مما يجعلنا ندخل في دوامة من الحزن ونغرق في بحر الدموع لتمحوا أحلامنا التي كنا نحلم بتحقيقها فنحن نتمنى في كل لحظة أن تحدث معجزة لنحصل على فانوس علاء الدين الذي به تستطيع التمني وتحقيق الأمنيات مثل القصص الخرافية، لتفتت جبال من المشكلات والهموم التي نتجرعها فتصير حياتنا إلى الأفضل وتضيف لمسات جديدة انعدمت فيه روح الحياة بعد أن تذوق ظلم أخيه الإنسان هذا الظلم الذي كما في حياته ذرة أمل باقية فيها وكذا السعادة ومنحه الحزن والألم والمرارة فيعيش ذليلاً مطأطئ الرأس إنساناً مهاناً عديم الثقة بنفسه عاجزاً مقيداً بالقيود في سجن الظلم والحرمان فيصبح أسيراً لمعاناة حقيقية يحفر قبره بيده ليعلن نهايته المأساوية على يد ظالمه، وذلك الظالم الذي يقوم بدور المغلوب على أمره والبريء كبراءه الأطفال، ولكننا نراه يتحول في لحظة من اللحظات إلى وحش كاسر وذلك بعد أن انعدمت الرحمة من قلبه لتقضي على حياة إنسان بريء مهمته الوحيدة أنه أراد أن يعلن للجميع الحقيقة.
(فين أيام زمان)
لقد أغلق كل منا بابه وانشغل بنفسه ونسينا أننا بشر بحاجة إلى تغذية مستمرة واليوم الذي ألفينا فيه مشارعنا وأهملناها أصبحنا آلات مبرمجة وبالتدريج بدأنا نفقد الحب من أعماقنا وتحولت بيوتنا إلى مؤسسات مستقلة لا يهم أفرادها سوى ربح مؤسساتها على حساب المؤسسات الأخرى، نحن بحاجة إلى أن نراجع أنفسنا ونعيد احترامنا لصلات القربى والأخوة والرحم والصداقة والجيرة وأن نتجاوز خلافاتنا ونتخلص من مشاغلنا الوهمية التي طغت على ما يجب أن نفعله من تواصل وود وحب بين جميع أفراد المجتمع من حولنا.
ترى لمّ أصبحنا نردد عبارة أين ذهبت أيام زمان أو متى يعود الزمن الجميل ولم أصبحت "المصالح" بين الناس هي في المقام الأول للتعامل فيما بينهم، وكأن الحياة خلت من أي شيء جميل.
أيام زمان كانت الناس تتعارف من أجل المعرفة وتكوين صداقات وعائلات تعرف بعضها حتى تتساند وقت الشدائد والمحن، فيقف الجار إلى جانب جاره وكأنه أخوه "الذي لم تلده أمه" والصديق كذلك ليس من أجل مصالح، وإنما من أجل أخوه الذي يطلب مساندته فقط لا غير، فكانت المصالح غائبة والأحقاد غير معروفة، لذلك كان الزمان زمن جميل.
فلا تعيبوا الزمن ... إن الزمن بريء من أفعال البشر.