يحيى السريحي
نفسها وريدياً بجرعة سم قاتلة وفضلت الفناء على البقاء ومواراة لو كانت الوحدة كائناً حياً
لحقنت نفسها وريدياً بجرعة سم قاتلة وفضلت الفناء على البقاء ومواراة الثرى وعجلت
للقاء ربها بنفس راضية مرضية ولا ذاك العناء الذي تتجرعه يوماً بعد آخر من بعض
أفراد المجتمع المنادين بدعوات الردة والانشطار رافعين رايات التشرذم والتقزم
والانفصال وتفضيلهم الضعف والهوان على العزة والقوة التي لا يمكن لها أن
تتأتى أو تكون إلا بالوحدة، ومما لا شك فيه أن تلك الشعارات المشينة والدعوات
الضالة التي ترددها أولئك الفئة الباغية والضالة لن تقدم أو تأخر في عقارب الزمن
فيد أنملة، ولن تأثر في نفس الوقت على كيان الوحدة وبقائها من عدمه، وإذا ظنت تلك
الفئة أنها قد تسي إلى الوحدة بإثارتها للشغب وتجميع صعاليك المجتمع حولها، أنهم
بذلك يشكلون ورقة ضغط وخطر على الوحدة وديمومتها ويجعلون منها ورقة رابحة يساومون
بها وعليها بغية الحصول على المزيد من المصالح والمنافع الشخصية فهم واهمون لأنهم
بأفعالهم الغوغائية تلك لا يسيئون إلا إلى أنفسهم في المقام الأول ويتسببون في بطء
حركة التنمية التي ينشدها كل أبناء الوطن ولكنهم لن يوقفوها، وهم بتلك الأفعال وما
يلحقونه من أضرار وخسائر فادحة لا يقلون فساداً وعبثاً من أولئك الفاسدين المتخفين
في أجهزة الدولة إن لم يكونوا في الحقيقة أكثر منهم ضرراً وغبناً بالوطن والمجتمع،
والغريب أنه كلما خطى الوطن خطوة نحو الأمام أعاده أولئك العابثون عشر خطوات إلى
الخلف، بسبب أفعالهم الإجرامية وافتعالهم للأزمات وخلقها من العدم من أجل أنانيتهم
ومصالحهم الذاتية الدنيئة، وما يجب أن يدركه أولئك المرجفون في المدينة أن مسألة
الوحدة وبقائها أمر مفروغ منه نهائياً ولا يمكن الرجوع عنها بأي حال من الأحوال،
لأنها أصبحت تمثل لغالبية أفراد المجتمع إن لم يكن كله الهواء الذي يتنفسونه
والماء الذي يشربونه ويروي عطشهم والدم الذي يجري في عروقهم، فهي أي الوحدة
الصبح المشرق الذي نستنير به لبلوغ ما نصبوا إليه من غدٍ أفضل في شتى مجالات
الحياة، فقد أصبحت وأمست وباتت وستظل وتبقى على طول الزمن إلى أن يرث الله الأرض
ومن عليها، لأنها أعظم منجز تحقق للشعب اليمني في تاريخه الحديث، بل إن يوم الثاني
والعشرين من مايو 90م غدا يمثل يوماً مقدساً عند كل المجتمع لما حققه ذلك اليوم من
تحول تاريخي للأرض والإنسان اليمني ليس فقط على المستوى الوطني والإقليمي فحسب
وإنما على مستوى الخارطة العالمية، وما المكانة المتميزة التي أصبحت تتبوأها اليمن
بين أقرانها من دول العالم المختلفة إلا خير شاهد على ذلك، بل إن الوحدة اليمنية
أصبحت مطلب كل شعوب العالم المحبة للخير والسلام ويكفينا فخراً أن الوحدة الوطنية
قد تحققت في وقت كان يشهد فيه العالم الكثير من الصراعات الدموية وتمزق وشتات
الكثير من المجتمعات والدول. .
فعيب علينا وعلى كل فرد أو جماعة من أبناء هذا
الوطن الغالي مجرد التفكير في مسألة العودة إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو،
كما أنه ليس كل من "حيرف وفلس" أو طلق زوجته أو لم يستطع دفع إيجار البيت صبّ غضبه
على الوحدة ورد المسئولية عليها وسارع برفع رايات التشطير وحن إلى الماضي البغيض!!
فأي مسعى أو محاولة لإعادة الوطن إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو 90م محكوم
عليها بالفشل المسبق، لأن مثل ذلك السعي باطل وقد خاب من سعى مثل ذلك السعي المناهض
لأمر المولى عز وجل الذي يأمرنا بالوحدة بقوله جل شأنه وهو أصدق القائلين
((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)) صدق الله العظيم والحبيب محمد صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول في الحديث الشريف: (يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في
النار).
فالوحدة هي الملاذ الآمن للمجتمع ككل، بها نقوى وبدونها نذل ونخزى
ونهان. .