صفحه من
كتاب
كتاب
إن البحث في الحريات العامة جزء لا
يتجزأ من البحث في النظام السياسي الإسلامي، وهو بحث يفترض التسليم سلفاً بشمول
نظام الإسلام لحياة الإنسان فرداً وجماعة وترابط أجزائه من عقائد وشرائع وشعائر
وأخلاقيات ومقاصد على نحو لا يقبل التجزئة.
بدون الاشتراك في امتلاك مصادر الثروة الأساسية لا يكاد يتبقى معنى
للقيم العليا التي حرص الإسلام على قيامها أساساً للمجتمع الإسلامي: المساواة،
الإخوة، العدل، الشورى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل الذي يتبقى عندئذ بعد
طلاء الشعارات والأماني هو التسلط في شكل من أشكاله.
إن التملك أساس لإذكاء
الحوافز الذاتية للفرد وتنشيط ملكاته لما فطر عليه الفرد من ابتغاء حثيث لنيل
مطالبه وحقه في امتلاك ثمار عمله، ولقد حاولت عبثاً المذهبيات الخيالية إنكار هذه
الفطرة في الإنسان وأضطرها قانون الفطرة في النهاية إلى الإفلاس والعودة إلى
الاعتراف بالحوافز الذاتية والملكية الفردية ذاتها.
إن الملكية الفردية في
الواقع هي اعتراف للفرد بحقه في التمتع بثمار جهده إلا ما تعلق بحق الجماعة أو
تنازل عنه بمحض إرادته ذلك أنه ولئن أقر الإسلام للفرد بحقه في التملك في إطار
نظرية الاستخلاف، فإن طبيعته الاجتماعية تقتضي أن تكون مصلحة الجماعة الأولى
بالاعتبار عند التناقض من مصلحة الفرد وأن يمارس الفرد وظيفية الاستخلاف عن الله في
إطار استخلاف أكبر هو استخلاف الجماعة، وذلك هو ما ذهب إليه معظم المفكرين
الإسلاميين المعاصرين الذين أنعقد إجماعهم أوكاد على النظر للملكية الفردية على
أنها وظيفة اجتماعية يتمتع بها الفرد ويتصرف وفق مصلحة الجماعة وذلك ما يعطي شرعية
لحق السلطة الإسلامية ممثلة الجماعة في رسم سياسة اجتماعية واقتصادية عامة ملزمة
للمالكين الأفراد وفي تحديد الملكية وفي تأميم بعض الثروات والمصالح، وذلك كلما
أختل التوازن في المجتمع دون أن يلغي ذلك نهائياً المصلحة العامة للمجتمع وفي إطار
الدستور الإسلامي وهو حاكم على المجتمع كله سلطة وأفراداً.
الحقوق الاجتماعية:
المقصود بالحقوق الاجتماعية ما يحتاجه الفرد في حياته المعيشية وتوفير الوسائل
الصحية والاجتماعية له، وهي حقوق لم تكن موضوع اهتمام الدساتير الغربية ومواثيق
حقوق الإنسان إلا في وقت متأخر نتيجة ضغط النظريات الاشراكية والمنظمات النقابية
وطرداً لشبح الثورة الماركسية على حين نجد هذه الحقوق أصيلة في التصور الإسلامي
والتطبيق النموذجي له في العصر الأول، فلم يشغله التأكيد على المساواة والحرية من
الناحية النظرية عن تقديم نمط من العلاقات الاجتماعية يحقق المساواة والعدالة
والشورى في حياة الناس المعيشية وأهم الحقوق الاجتماعية حق العمل وحق الرعاية
الصحية وحق كفالة العيش الكريم.
حق العمل: أبطل الإسلام أسباب الكسب غير
المشروع عن طريق الغش أو السرقة أو الربا أو الاحتكار، ومنع كنز المال حتى تكون
وسائل الكسب رائجة بين الجميع مؤدية لوظيفتها الأساسي للملكية "من أحيا أرضاً
مواتاً فهي له"، قال تعالى: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"، وكما حث على العمل
وقدسيته، نفر من التبطل وعيش العالة حتى ولو ظهر في شكل التفرغ للصلاة والذكر وعاب
حالة المذلة والاستكانة وتكفف الناس فالعمل الشريف أياً كان نوعه يزين المؤمن ولا
يشينه ويكرمه ولا يهينه، فكيف يرضى من تشربت نفسه عزة الإسلام أن يمد يده لغير
خالقه وفيه عين تطرف ورجال تسعى؟ وليس التسول على أبواب المساجد وعلى قارعة الطرقات
وهو إهانة بالغة لنمط التربية والتنظيم في المجتمع وإهدار للكرامة فالارتزاق عن
طريق التحيل أو عن الاستدانة سواء مع نية الوفاء وأفدح منها مع عدمها وهو وافر
الحدوث في حياتنا الاجتماعية أمع وأبشع من أشكال التسول التقليدي.
الرعاية
الصحية: الرعاية الصحية: فكان اهتمامه بالغاً بالطب الوقائي من نظافة واعتدال
وبعد عن النجاسات والمسكرات وأشكال التبذير والفساد، فأمر بأسباب القوة ونّفر من
الضعف وأسباب الهلاك وحث على الرياضة وأوجب على الدولة توفير العلاج للمحتاجين من
رعاياها مسلمين وغيرهم.
بناء الأسرة: حق بناء الأسرة بناء على أن الزوجية
قانون كوني وهي بالنسبة إلى المؤمنين عبادة تعد نصف الدين لمالها من أثر فعال في
توازن الشخصية وتطورها وحث الإسلام على انتشار النوع البشري تحقيقاً لمضمون خلافة
الإنسان وهو عمارة الأرض، وحرم كل وسائل الإبادة المسلطة على النوع البشري بدوافع
اقتصادية أنانية واحتكار الوجود ومنعه على الآخرين.
حق التربية: حث الإسلام
على العلم وجعل للعلماء مكانه عالية وواجب على الجاهلين أن يتعلموا وعلى العلماء أن
يعلموا وعلى الدولة أن تيسر الظروف المناسبة لذلك، حتى أنه يمكن اعتبار الإسلام أول
مذهب في التاريخ بإلزامية التعليم "العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة".
حق الضمان
الاجتماعي: لم تتضمن الدساتير وقوانين حقوق الإنسان في الغرب مفهوم الضمان
الاجتماعي إلا في وقت متأخر وتحت ضغط الواقع.
الزكاة وهي فريضة ملزمة ثم النفقة
التطوعية "في المال حق سوى الزكاة،" وفي الصحيح يرسم النبي القائد نموذجاً لمجتمع
مؤمن صغير، الوصف النبوي لهذا المجتمع ناطقة بتحبيذه والرغبة للمسلمين وللبشرية
جمعاء أن تنأسى به في تجسيد الأخوة وقهر الأنانية ومغالبة الأزمات.
إن الإسلام
يسعى جهده لضمان حرية الناس وإخلاص عبوديتهم لله ومن وسائله منع احتكار سلطة الحكم
أو سلطة المال في يد فئة قليلة، بل ينحصر تدخل الدولة المباشر في أضيق نطاق ممكن
"أنا ولي من لا ولي له" أي حيث يعجز المجتمع ويختل توازنه.
يتجزأ من البحث في النظام السياسي الإسلامي، وهو بحث يفترض التسليم سلفاً بشمول
نظام الإسلام لحياة الإنسان فرداً وجماعة وترابط أجزائه من عقائد وشرائع وشعائر
وأخلاقيات ومقاصد على نحو لا يقبل التجزئة.
بدون الاشتراك في امتلاك مصادر الثروة الأساسية لا يكاد يتبقى معنى
للقيم العليا التي حرص الإسلام على قيامها أساساً للمجتمع الإسلامي: المساواة،
الإخوة، العدل، الشورى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل الذي يتبقى عندئذ بعد
طلاء الشعارات والأماني هو التسلط في شكل من أشكاله.
إن التملك أساس لإذكاء
الحوافز الذاتية للفرد وتنشيط ملكاته لما فطر عليه الفرد من ابتغاء حثيث لنيل
مطالبه وحقه في امتلاك ثمار عمله، ولقد حاولت عبثاً المذهبيات الخيالية إنكار هذه
الفطرة في الإنسان وأضطرها قانون الفطرة في النهاية إلى الإفلاس والعودة إلى
الاعتراف بالحوافز الذاتية والملكية الفردية ذاتها.
إن الملكية الفردية في
الواقع هي اعتراف للفرد بحقه في التمتع بثمار جهده إلا ما تعلق بحق الجماعة أو
تنازل عنه بمحض إرادته ذلك أنه ولئن أقر الإسلام للفرد بحقه في التملك في إطار
نظرية الاستخلاف، فإن طبيعته الاجتماعية تقتضي أن تكون مصلحة الجماعة الأولى
بالاعتبار عند التناقض من مصلحة الفرد وأن يمارس الفرد وظيفية الاستخلاف عن الله في
إطار استخلاف أكبر هو استخلاف الجماعة، وذلك هو ما ذهب إليه معظم المفكرين
الإسلاميين المعاصرين الذين أنعقد إجماعهم أوكاد على النظر للملكية الفردية على
أنها وظيفة اجتماعية يتمتع بها الفرد ويتصرف وفق مصلحة الجماعة وذلك ما يعطي شرعية
لحق السلطة الإسلامية ممثلة الجماعة في رسم سياسة اجتماعية واقتصادية عامة ملزمة
للمالكين الأفراد وفي تحديد الملكية وفي تأميم بعض الثروات والمصالح، وذلك كلما
أختل التوازن في المجتمع دون أن يلغي ذلك نهائياً المصلحة العامة للمجتمع وفي إطار
الدستور الإسلامي وهو حاكم على المجتمع كله سلطة وأفراداً.
الحقوق الاجتماعية:
المقصود بالحقوق الاجتماعية ما يحتاجه الفرد في حياته المعيشية وتوفير الوسائل
الصحية والاجتماعية له، وهي حقوق لم تكن موضوع اهتمام الدساتير الغربية ومواثيق
حقوق الإنسان إلا في وقت متأخر نتيجة ضغط النظريات الاشراكية والمنظمات النقابية
وطرداً لشبح الثورة الماركسية على حين نجد هذه الحقوق أصيلة في التصور الإسلامي
والتطبيق النموذجي له في العصر الأول، فلم يشغله التأكيد على المساواة والحرية من
الناحية النظرية عن تقديم نمط من العلاقات الاجتماعية يحقق المساواة والعدالة
والشورى في حياة الناس المعيشية وأهم الحقوق الاجتماعية حق العمل وحق الرعاية
الصحية وحق كفالة العيش الكريم.
حق العمل: أبطل الإسلام أسباب الكسب غير
المشروع عن طريق الغش أو السرقة أو الربا أو الاحتكار، ومنع كنز المال حتى تكون
وسائل الكسب رائجة بين الجميع مؤدية لوظيفتها الأساسي للملكية "من أحيا أرضاً
مواتاً فهي له"، قال تعالى: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"، وكما حث على العمل
وقدسيته، نفر من التبطل وعيش العالة حتى ولو ظهر في شكل التفرغ للصلاة والذكر وعاب
حالة المذلة والاستكانة وتكفف الناس فالعمل الشريف أياً كان نوعه يزين المؤمن ولا
يشينه ويكرمه ولا يهينه، فكيف يرضى من تشربت نفسه عزة الإسلام أن يمد يده لغير
خالقه وفيه عين تطرف ورجال تسعى؟ وليس التسول على أبواب المساجد وعلى قارعة الطرقات
وهو إهانة بالغة لنمط التربية والتنظيم في المجتمع وإهدار للكرامة فالارتزاق عن
طريق التحيل أو عن الاستدانة سواء مع نية الوفاء وأفدح منها مع عدمها وهو وافر
الحدوث في حياتنا الاجتماعية أمع وأبشع من أشكال التسول التقليدي.
الرعاية
الصحية: الرعاية الصحية: فكان اهتمامه بالغاً بالطب الوقائي من نظافة واعتدال
وبعد عن النجاسات والمسكرات وأشكال التبذير والفساد، فأمر بأسباب القوة ونّفر من
الضعف وأسباب الهلاك وحث على الرياضة وأوجب على الدولة توفير العلاج للمحتاجين من
رعاياها مسلمين وغيرهم.
بناء الأسرة: حق بناء الأسرة بناء على أن الزوجية
قانون كوني وهي بالنسبة إلى المؤمنين عبادة تعد نصف الدين لمالها من أثر فعال في
توازن الشخصية وتطورها وحث الإسلام على انتشار النوع البشري تحقيقاً لمضمون خلافة
الإنسان وهو عمارة الأرض، وحرم كل وسائل الإبادة المسلطة على النوع البشري بدوافع
اقتصادية أنانية واحتكار الوجود ومنعه على الآخرين.
حق التربية: حث الإسلام
على العلم وجعل للعلماء مكانه عالية وواجب على الجاهلين أن يتعلموا وعلى العلماء أن
يعلموا وعلى الدولة أن تيسر الظروف المناسبة لذلك، حتى أنه يمكن اعتبار الإسلام أول
مذهب في التاريخ بإلزامية التعليم "العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة".
حق الضمان
الاجتماعي: لم تتضمن الدساتير وقوانين حقوق الإنسان في الغرب مفهوم الضمان
الاجتماعي إلا في وقت متأخر وتحت ضغط الواقع.
الزكاة وهي فريضة ملزمة ثم النفقة
التطوعية "في المال حق سوى الزكاة،" وفي الصحيح يرسم النبي القائد نموذجاً لمجتمع
مؤمن صغير، الوصف النبوي لهذا المجتمع ناطقة بتحبيذه والرغبة للمسلمين وللبشرية
جمعاء أن تنأسى به في تجسيد الأخوة وقهر الأنانية ومغالبة الأزمات.
إن الإسلام
يسعى جهده لضمان حرية الناس وإخلاص عبوديتهم لله ومن وسائله منع احتكار سلطة الحكم
أو سلطة المال في يد فئة قليلة، بل ينحصر تدخل الدولة المباشر في أضيق نطاق ممكن
"أنا ولي من لا ولي له" أي حيث يعجز المجتمع ويختل توازنه.