صالح
النعامي
النعامي
رغم كل ما قيل، فإن سلام فياض يصرُّ
على تجاوز كل الأرقام القياسية في التنازل والتفريط والدونية، فحضيضه يظلّ في
ماراثون مع الزمن لكي يغور عميقًا في التراب، فمما لا شك فيه أن كل فلسطيني لا بدَّ
أنه شعر بقدر هائل من التقزُّز والمرارة في آنٍ معًا بسبب ما جاء في المقابلة التي
أجرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مع فياض الجمعة الماضية، مبعث التقزُّز هو قدرته
على التماهي مع أعداء شعبه إلى حدٍّ يفوق كل التوقعات، أما مبعث المرارة فهو حقيقة
أن هذا يتم تقديمه كممثِّل عن الحالة الفلسطينية.
وفي الوقت الذي لا يتورَّع عدد من اليهود على قطع صلاتهم مع
الفكر الصهيوني على اعتبار أنه فكر عنصريّ إحلاليّ وغيرُ إنساني نجد أن فياض يقول
متملقًا الصهاينة في المقابلة: "ليس لديَّ مشكلة مع الفكرة الصهيونية ومع الاعتقاد
بأن إسرائيل هي بلاد التوراة، ولكن لديكم ما يكفي من التلال والمساحات الشاغرة،
فلماذا لا تستوطنونها وتدعوننا نعيش حياتنا"، لا يمكن الافتراض أن فياض يجهل كُنْه
ما قاله، فبلاد التوراة هي الضفة الغربية بما تحويه من جباه وتلال وأغوار، حسب
مزاعم الصهاينة.
وبخلاف ما كان يحرص عليه ممثلو سلطته وقادة منظمة التحرير فقد
فضح ما جاء في المقابلة الموقف الحقيقي لحكومة رام الله من قضية اللاجئين، فقد أبدى
فياض استعداده لاستقبال اللاجئين في الدولة الفلسطينية التي سيتمُّ الإعلان عنها في
الضفة الغربية في أغسطس القادم، كما يزعم، أي ببساطة فإن فياض يتنازل بشكل واضح
وجليّ وبدون لبس عن حق العودة للاجئين، كما ضمن ذلك لهم قرار مجلس الأمن
194.
ومن الواضح أن فياض لا يعبِّر عن نفسه فقط في هذا الموقف، بل يتحدث
بالأصالة عن بقية قيادات السلطة ومنظمة التحرير، لكن عندما سُئِل فياض من قِبل
وسائل الإعلام العربية عن حق العودة للاجئين، أشار إلى أنه يقبل حلّ قضية اللاجئين
بما جاء في المبادرة العربية للسلام التي تتحدث عن "حلّ متفق عليه لقضية اللاجئين"،
أي حل يتمُّ التوافق عليه بين إسرائيل والسلطة، ولما كان هناك إجماع إسرائيلي عارم
على رفض حق العودة للاجئين، فإن ما تبقى هو ما أفصح عنه فياض في مقابلته مع الصحيفة
العبرية.
ومجددًا يتحدث سلام فياض عن أن الدولة الفلسطينية التي ستعلن في أغسطس
من العام القادم، في ظل وجود التجمعات الاستيطانية وفي ظل الأمر الواقع الذي كرَّسه
جدار الفصل العنصري، وفي ظل عجز الإدارة الأمريكية حتى عن إقناع إسرائيل بتجميد
الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، من الواضح أن الدولة التي يتحدث عنها فياض
ستكون على 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية على أكثر تقدير، في حين تواصل إسرائيل
السيطرة على ما تبقى من الأرض.
والمضحك المبكي أن سقف ما تعرضه بعض القيادات
الصهيونية للفلسطينيين هو أعلى من السقف الذي يتشبث به فياض، وهذا ما عبَّر عنه
بجلاء وزير القضاء الصهيوني الأسبق يوسي بيلين الذي كتب مقالًا مؤخرًا حذَّر فيه
فياض من مغبة إعلان الدولة في ظل وجود الاستيطان اليهودي، على اعتبار أن هذا
سيمكِّن حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو من إعلان السيادة الإسرائيلية على ما
تبقى من الضفة الغربية.
فياض وخلال المقابلة المطوَّلة لم يجرؤ على المطالبة
بإزالة المستوطنات في الضفة الغربية ولا وقف الاستيطان في القدس، وبدت ملاحظاته
خجولةً وعلى مضض، ومن المؤكَّد أن الدولة التي يتحدث عنها فياض لا تضمُّ قطاع غزة؛
لأنه يعي أن هذا يتطلب إنهاء حالة الانقسام، وفياض غير مستعدّ لبذل أي جهد لإنهاء
حالة الانقسام، وهناك من يقول إن إعلانات فياض تأتي في إطار اتفاق مع الإدارة
الأمريكية يقضي بأن يتمّ الإعلان عن الدولة في أغسطس من العام 2011 لوقت قصير، وبعد
ذلك يعلن عن اتحاد هذه الدولة كونفيدراليًّا مع الأردن.
وهكذا يتمّ إعفاء
إسرائيل من الكثير من الاستحقاقات، على رأسها إخلاء المستوطنات، ويتم تكريس الوضع
القائم في الضفة الغربية إلى الأبد، وهناك من يقول بأن تصريحات فياض بشأن الدولة
تأتي لقطع الطريق على الدعوات إلى حلّ السلطة الفلسطينية، وأن هذا الحديث يأتي فقط
من أجل التدليل على أن هناك "أجندة" وطنية تعكف عليها هذه السلطة.
ولم ينكرْ
فياض في المقابلة أن ما يحرِّك الجهود الأمريكية الأخيرة في المنطقة هو توفير
البيئة التي تساعد واشنطن على العمل على إحباط مشروع إيران النووي، مبديًا استعداد
سلطته للتعاون مع الولايات المتحدة في ذلك، معتبرًا أن الحديث يدور عن متطرفين
ومعتدلين، ولم يغفلْ عن تذكير الإسرائيليين عبر هذه المقابلة بأنه يبذل جهودًا
كبيرة لوقف التحريض ضد إسرائيل، وهذا يأتي بعد أن تباهى أحد قادة أجهزته الأمنية في
حديث للصحف الإسرائيلية بقيام سلطته بطرد آلاف المدرِّسِين والأئمة بحجة انتمائهم
لحركة حماس.
هل وصل فياض للقاع؟! على ما يبدو ليس بعد!!.
العرب
اونلاين
على تجاوز كل الأرقام القياسية في التنازل والتفريط والدونية، فحضيضه يظلّ في
ماراثون مع الزمن لكي يغور عميقًا في التراب، فمما لا شك فيه أن كل فلسطيني لا بدَّ
أنه شعر بقدر هائل من التقزُّز والمرارة في آنٍ معًا بسبب ما جاء في المقابلة التي
أجرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مع فياض الجمعة الماضية، مبعث التقزُّز هو قدرته
على التماهي مع أعداء شعبه إلى حدٍّ يفوق كل التوقعات، أما مبعث المرارة فهو حقيقة
أن هذا يتم تقديمه كممثِّل عن الحالة الفلسطينية.
وفي الوقت الذي لا يتورَّع عدد من اليهود على قطع صلاتهم مع
الفكر الصهيوني على اعتبار أنه فكر عنصريّ إحلاليّ وغيرُ إنساني نجد أن فياض يقول
متملقًا الصهاينة في المقابلة: "ليس لديَّ مشكلة مع الفكرة الصهيونية ومع الاعتقاد
بأن إسرائيل هي بلاد التوراة، ولكن لديكم ما يكفي من التلال والمساحات الشاغرة،
فلماذا لا تستوطنونها وتدعوننا نعيش حياتنا"، لا يمكن الافتراض أن فياض يجهل كُنْه
ما قاله، فبلاد التوراة هي الضفة الغربية بما تحويه من جباه وتلال وأغوار، حسب
مزاعم الصهاينة.
وبخلاف ما كان يحرص عليه ممثلو سلطته وقادة منظمة التحرير فقد
فضح ما جاء في المقابلة الموقف الحقيقي لحكومة رام الله من قضية اللاجئين، فقد أبدى
فياض استعداده لاستقبال اللاجئين في الدولة الفلسطينية التي سيتمُّ الإعلان عنها في
الضفة الغربية في أغسطس القادم، كما يزعم، أي ببساطة فإن فياض يتنازل بشكل واضح
وجليّ وبدون لبس عن حق العودة للاجئين، كما ضمن ذلك لهم قرار مجلس الأمن
194.
ومن الواضح أن فياض لا يعبِّر عن نفسه فقط في هذا الموقف، بل يتحدث
بالأصالة عن بقية قيادات السلطة ومنظمة التحرير، لكن عندما سُئِل فياض من قِبل
وسائل الإعلام العربية عن حق العودة للاجئين، أشار إلى أنه يقبل حلّ قضية اللاجئين
بما جاء في المبادرة العربية للسلام التي تتحدث عن "حلّ متفق عليه لقضية اللاجئين"،
أي حل يتمُّ التوافق عليه بين إسرائيل والسلطة، ولما كان هناك إجماع إسرائيلي عارم
على رفض حق العودة للاجئين، فإن ما تبقى هو ما أفصح عنه فياض في مقابلته مع الصحيفة
العبرية.
ومجددًا يتحدث سلام فياض عن أن الدولة الفلسطينية التي ستعلن في أغسطس
من العام القادم، في ظل وجود التجمعات الاستيطانية وفي ظل الأمر الواقع الذي كرَّسه
جدار الفصل العنصري، وفي ظل عجز الإدارة الأمريكية حتى عن إقناع إسرائيل بتجميد
الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، من الواضح أن الدولة التي يتحدث عنها فياض
ستكون على 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية على أكثر تقدير، في حين تواصل إسرائيل
السيطرة على ما تبقى من الأرض.
والمضحك المبكي أن سقف ما تعرضه بعض القيادات
الصهيونية للفلسطينيين هو أعلى من السقف الذي يتشبث به فياض، وهذا ما عبَّر عنه
بجلاء وزير القضاء الصهيوني الأسبق يوسي بيلين الذي كتب مقالًا مؤخرًا حذَّر فيه
فياض من مغبة إعلان الدولة في ظل وجود الاستيطان اليهودي، على اعتبار أن هذا
سيمكِّن حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو من إعلان السيادة الإسرائيلية على ما
تبقى من الضفة الغربية.
فياض وخلال المقابلة المطوَّلة لم يجرؤ على المطالبة
بإزالة المستوطنات في الضفة الغربية ولا وقف الاستيطان في القدس، وبدت ملاحظاته
خجولةً وعلى مضض، ومن المؤكَّد أن الدولة التي يتحدث عنها فياض لا تضمُّ قطاع غزة؛
لأنه يعي أن هذا يتطلب إنهاء حالة الانقسام، وفياض غير مستعدّ لبذل أي جهد لإنهاء
حالة الانقسام، وهناك من يقول إن إعلانات فياض تأتي في إطار اتفاق مع الإدارة
الأمريكية يقضي بأن يتمّ الإعلان عن الدولة في أغسطس من العام 2011 لوقت قصير، وبعد
ذلك يعلن عن اتحاد هذه الدولة كونفيدراليًّا مع الأردن.
وهكذا يتمّ إعفاء
إسرائيل من الكثير من الاستحقاقات، على رأسها إخلاء المستوطنات، ويتم تكريس الوضع
القائم في الضفة الغربية إلى الأبد، وهناك من يقول بأن تصريحات فياض بشأن الدولة
تأتي لقطع الطريق على الدعوات إلى حلّ السلطة الفلسطينية، وأن هذا الحديث يأتي فقط
من أجل التدليل على أن هناك "أجندة" وطنية تعكف عليها هذه السلطة.
ولم ينكرْ
فياض في المقابلة أن ما يحرِّك الجهود الأمريكية الأخيرة في المنطقة هو توفير
البيئة التي تساعد واشنطن على العمل على إحباط مشروع إيران النووي، مبديًا استعداد
سلطته للتعاون مع الولايات المتحدة في ذلك، معتبرًا أن الحديث يدور عن متطرفين
ومعتدلين، ولم يغفلْ عن تذكير الإسرائيليين عبر هذه المقابلة بأنه يبذل جهودًا
كبيرة لوقف التحريض ضد إسرائيل، وهذا يأتي بعد أن تباهى أحد قادة أجهزته الأمنية في
حديث للصحف الإسرائيلية بقيام سلطته بطرد آلاف المدرِّسِين والأئمة بحجة انتمائهم
لحركة حماس.
هل وصل فياض للقاع؟! على ما يبدو ليس بعد!!.
العرب
اونلاين