عبد
الرحمن الراشد
الرحمن الراشد
لم يسبق أن امتهنت القوانين في
بلدان تفاخر باحترام الحريات كما يحدث اليوم مع بدء فرنسا حظر لبس النقاب الذي يغطي
وجه المرأة في المؤسسات وعند قيادة السيارات.
فهل هو قانون يحمي الحريات، بحجة
أنه يرفض تحجيب المرأة؟ أم أنه يعاديها لأنه يحرمها من لباسها الذي تعتبره إما
ضرورة دينية أو على الأقل اختيارا شخصيا؟ من المتضرر؟ ظهرت في المجتمع المسلم الفرنسي قلة من نساء يلبسن كامل
الغطاء على الوجه ضمن المد الديني المحافظ الذي بلغ الجالية المسلمة في فرنسا، بعد
أن كانت النساء المحافظات يكتفين بتغطية شعرهن فقط، وأغلبية المسلمات في فرنسا أصلا
لا يلبسن الحجاب.
وصار النقاب، أي تغطية كل الوجه، علامة من معالم المتشددات
الجدد في فرنسا، وهن قلة.
كما أن المتضررات من القانون الجديد هن السائحات
القادمات من دول الخليج، حيث إن النقاب هو القاعدة لا الاستثناء، وخاصة في
السعودية.
لكنه ضرر محدود لأن السياحة عالم واسع وبوسع النسوة الممنوعات من
النقاب السفر إلى بريطانيا القريبة عوضا عن فرنسا، وبالتالي المشكلة محدودة ما لم
يتبن الاتحاد الأوروبي القانون الفرنسي ويفرض تطبيقه على كل دول الاتحاد، وهذا أمر
مستبعد في الوقت الراهن.
من الذي يقف خلف التشريع الجديد؟ الأرجح أنها الجمعيات
النسائية، مع بعض المنظمات الحقوقية، التي تظن أن المرأة ما كانت تغطي كل وجهها
لولا أن أحدا فرضه عليها قسرا مثل والديها أو مجتمعها القبلي.
وبالتالي ترى أن
القوانين يجب أن تحمي المرأة من الحجاب الشامل حتى لو قالت إنها تغطي وجهها
بموافقتها.
وهذه المنظمات تعتبر نفسها في حالة مواجهة مع المتشددين ولن تسمح
للمرأة أن تتبع قوانينهم مهما كانت مبرراتها.
وهناك فريق متحمس للمنع عنده رأي
أقل أيديولوجية يرى أن هدفه تكتيكي.
يعتقد أنه عندما يمنع النقاب يحد من انتشار
ظاهرة التطرف، التي تبدأ بالملابس وتصل إلى رفض المجتمع وحتى التمرد عليه من خلال
العنف.
ومنع النقاب لن يصبح قضية كبيرة في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية لأن عدد
المنتقبات بضع مئات فقط، بخلاف المحجبات اللاتي هن بالآلاف ويصعب منعهن.
الحقيقة
أن القضية ليست الأضرار بل مبدأ المنع الذي فيه تعد واضح على الحرية
الشخصية.
فمهما قيل وبررت به الملاحقة التي بدأت ضد المنتقبات فإنها في الحقيقة
مخالفة ضد المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الأنظمة الأوروبية وهو احترام الحرية
الشخصية.
هذا المبدأ الليبرالي يسقط في أسوأ الأوقات، حيث تمنع امرأة مسلمة من
ممارسة حقها في التحجب في وقت مشبوه سياسيا.
ولو تم في زمن آخر ربما كانت
انعكاساته أقل سلبية.
التبرير الوحيد الذي يمكن قبوله لمنع التنقب هو الخوف
الأمني من قيام إرهابيين أو لصوص بالتنكر في زي امرأة منتقبة، وهي حوادث وقعت
بالفعل.
لكن القانون الجديد لم يقل بذلك بل عمم المنع في كل مكان وزمان، وكان
معقولا أن يفرض على بوابات الجوازات والمناطق الحساسة أمنيا.
ومهما بدا شكل
النقاب مفزعا، أو مزعجا للمنظمات النسائية، فإنه يظل مسألة فردية ضمن حق الاختيار
الشخصي.
وما فعلته فرنسا بقمع المنتقبات يجعلها مثل بقية الدول التي تتهم بالقمع
والحد من الحريات.
صحيح أنه مجرد غطاء، وعدد المتضررات منه بضع عشرات، إلا أنها
مسألة مبدأ، وكلنا نعلم أن أصعب ما في مفهوم الحريات هو تحمل الآخرين عندما
يمارسونه.
نقلا عن "الشرق الأوسط" اللندنية
بلدان تفاخر باحترام الحريات كما يحدث اليوم مع بدء فرنسا حظر لبس النقاب الذي يغطي
وجه المرأة في المؤسسات وعند قيادة السيارات.
فهل هو قانون يحمي الحريات، بحجة
أنه يرفض تحجيب المرأة؟ أم أنه يعاديها لأنه يحرمها من لباسها الذي تعتبره إما
ضرورة دينية أو على الأقل اختيارا شخصيا؟ من المتضرر؟ ظهرت في المجتمع المسلم الفرنسي قلة من نساء يلبسن كامل
الغطاء على الوجه ضمن المد الديني المحافظ الذي بلغ الجالية المسلمة في فرنسا، بعد
أن كانت النساء المحافظات يكتفين بتغطية شعرهن فقط، وأغلبية المسلمات في فرنسا أصلا
لا يلبسن الحجاب.
وصار النقاب، أي تغطية كل الوجه، علامة من معالم المتشددات
الجدد في فرنسا، وهن قلة.
كما أن المتضررات من القانون الجديد هن السائحات
القادمات من دول الخليج، حيث إن النقاب هو القاعدة لا الاستثناء، وخاصة في
السعودية.
لكنه ضرر محدود لأن السياحة عالم واسع وبوسع النسوة الممنوعات من
النقاب السفر إلى بريطانيا القريبة عوضا عن فرنسا، وبالتالي المشكلة محدودة ما لم
يتبن الاتحاد الأوروبي القانون الفرنسي ويفرض تطبيقه على كل دول الاتحاد، وهذا أمر
مستبعد في الوقت الراهن.
من الذي يقف خلف التشريع الجديد؟ الأرجح أنها الجمعيات
النسائية، مع بعض المنظمات الحقوقية، التي تظن أن المرأة ما كانت تغطي كل وجهها
لولا أن أحدا فرضه عليها قسرا مثل والديها أو مجتمعها القبلي.
وبالتالي ترى أن
القوانين يجب أن تحمي المرأة من الحجاب الشامل حتى لو قالت إنها تغطي وجهها
بموافقتها.
وهذه المنظمات تعتبر نفسها في حالة مواجهة مع المتشددين ولن تسمح
للمرأة أن تتبع قوانينهم مهما كانت مبرراتها.
وهناك فريق متحمس للمنع عنده رأي
أقل أيديولوجية يرى أن هدفه تكتيكي.
يعتقد أنه عندما يمنع النقاب يحد من انتشار
ظاهرة التطرف، التي تبدأ بالملابس وتصل إلى رفض المجتمع وحتى التمرد عليه من خلال
العنف.
ومنع النقاب لن يصبح قضية كبيرة في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية لأن عدد
المنتقبات بضع مئات فقط، بخلاف المحجبات اللاتي هن بالآلاف ويصعب منعهن.
الحقيقة
أن القضية ليست الأضرار بل مبدأ المنع الذي فيه تعد واضح على الحرية
الشخصية.
فمهما قيل وبررت به الملاحقة التي بدأت ضد المنتقبات فإنها في الحقيقة
مخالفة ضد المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الأنظمة الأوروبية وهو احترام الحرية
الشخصية.
هذا المبدأ الليبرالي يسقط في أسوأ الأوقات، حيث تمنع امرأة مسلمة من
ممارسة حقها في التحجب في وقت مشبوه سياسيا.
ولو تم في زمن آخر ربما كانت
انعكاساته أقل سلبية.
التبرير الوحيد الذي يمكن قبوله لمنع التنقب هو الخوف
الأمني من قيام إرهابيين أو لصوص بالتنكر في زي امرأة منتقبة، وهي حوادث وقعت
بالفعل.
لكن القانون الجديد لم يقل بذلك بل عمم المنع في كل مكان وزمان، وكان
معقولا أن يفرض على بوابات الجوازات والمناطق الحساسة أمنيا.
ومهما بدا شكل
النقاب مفزعا، أو مزعجا للمنظمات النسائية، فإنه يظل مسألة فردية ضمن حق الاختيار
الشخصي.
وما فعلته فرنسا بقمع المنتقبات يجعلها مثل بقية الدول التي تتهم بالقمع
والحد من الحريات.
صحيح أنه مجرد غطاء، وعدد المتضررات منه بضع عشرات، إلا أنها
مسألة مبدأ، وكلنا نعلم أن أصعب ما في مفهوم الحريات هو تحمل الآخرين عندما
يمارسونه.
نقلا عن "الشرق الأوسط" اللندنية