أحمد الجار الله
الديبلوماسية ذات اللهجة الهادئة تكفي في تعامل دول الخليج العربية مع ايران التي
تمضي في ممارساتها العدوانية من دون اي وازع ديني او أخلاقي، ومن دون احترام
المواثيق والمعاهدات الاقليمية والدولية وحسن الجوار والحفاظ على استقرار هذه
المنطقة الحساسة من العالم، وما قاله وزير خارجية دولة الامارات الشيخ عبدالله بن
زايد أخيرا عن التشابه بين الاحتلال الايراني لجزر الامارات، واحتلال اسرائيل لارض
عربية، هو أمر واقع عبر عنه صراحة ومن دون اي مواربة، وهو عين الصواب
أيضا.
فمن أعطى ايران الحق في
ممارسة أعمال عسكرية تدخل في إطار العدوان على الخليج العربي، أكان ذلك بتلغيم
الخليج ومضيق هرمز، او عبر تفتيش السفن في المياه الدولية، طالما هي خارج مياهها
الاقليمية.
وهذا الممر المائي الدولي ليس لطهران بمفردها اي سيادة مطلقة عليه،
وهو محكوم بكل المعاهدات الدولية للمرات المائية، ويكفي التذكير ان إغلاق مضائق
تيران في العام 1967 أدى الى حرب عربية - اسرائيلية كان من نتائجها ان خسر العرب كل
فلسطين وبعض الاراضي العربية التي عاد بعضها بالمفاوضات.
وبعضها لم يسترجع بكل
"العنتريات" التي نسمعها من ذلك الحين.
وليس من حق ايران ان تتفرد في التحكم
بمضيق هرمز، الشريان الحيوي للمنطقة، وهذا الامر يدخل في إطار قرصنة دولة، تماما
كإرهاب الدولة الذي تمارسه عبر مناوراتها العسكرية في الخليج العربي.
لقد بات
على دول الخليج العربية ان تتخذ موقفا حازما وعمليا من هذه الممارسات، وان تضع
اللغة الديبلوماسية جانبا وتلتزم تنفيذ القرارات الدولية كافة في ما يتعلق
بالعقوبات المفروضة على نظام طهران، وان تبدأ حملة دولية لوقف الاستفزاز اليومي
ضدها، والمساهمة الفعالة في عزل النظام الايراني وتأديبه ليرعوي ويلتزم المواثيق
الدولية ويوقف رعونته ومخططاته التخريبية، حتى لا نصل الى يوم يكون فيه لسان
حالنا"أكلنا يوم أكل الثور الابيض" اذ يبدو ان جنون الهيمنة على المنطقة أفلت من كل
زمام ولم تعد طهران تتعاطى بعقلانية مع الواقع، وهي تعمل وفقا للمثل القائل"سئل
فرعون: من فرعنك? فقال: لم أجد من يردني"، ولأن اللغة الديبلوماسية والتأكيدات
الخليجية الدائمة على حسن الجوار وأفضل العلاقات مع ايران فسرته دوائر طهران على
عكس الحقيقة والواقع، واعتبرته ضعفا عربيا في مواجهة مخططاتها الخبيثة التي تعمل
على تحقيقها في المنطقة، بات من الضروري ان يكون الحزم هو سيد الموقف حتى تنتهي هذه
الدراما، فلقد ضاق العالم ذرعا بنظام طهران الذي يعمل على تصدير أزماته الى الخارج
من اجل ان يستمر بعدما تعرى من شرعيته الشعبية في الداخل إثر الانتخابات الاخيرة،
وبات عليه ان يعلم ان شعوب المنطقة ودولها ليسوا سوقا لتصريف بضاعته الفاسدة، وان
يكف عن عدوانيته هذه ويحل مشكلاته الداخلية بعيدا عنا، وكل ذلك لن يتحقق الا اذا
وضع العالم حدا لهذا النظام.
لقد استمرأ نظام الملالي لعبة الرد على الخطاب
الهادىء بالمزيد من الاستفزاز والتبجح بالقوة التي هي في الواقع استعراضية لا أكثر،
الا أنها تزيد من القلق الدولي ومن الضغط أكثر على دول الخليج في شتى المجالات ما
يجعل المنطقة بؤرة دائمة للتوتر، لن يكون أحد رابحا فيها لأنها ستحيل بحيرة الخليج
إلى ما يشبه البركان المتفجر، وستزيد من المشكلات الاقتصادية لكل شعوب المنطقة،
وعندها لن تنفع ايران كل اسلحتها الاستعراضية، ولن تنفع اللهجة الهادئة دول الخليج
في شيء.
فهل تدرك هذه الدول المخاطر المترتبة على ترك حبل الاستفزازات على غارب
المزاجية الايرانية أم تواجهها بكل حزم؟.