علي جار
الله سبحانه وتعالى الخليقة وهو ما أكده في جميع الديانات السماوية من خلال نصوص
واضحة كفلت للإنسان حريته وكرامته.
ولعل قول الفاروق عمر بن الخطاب "متى
استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" يجسد الحرية بكل
تفاصيلها.
غير أن مفهوم الحرية
تطور بتطور الجماعات البشرية إلى أن شمل كل مجالات الحياة فهناك الحرية الاجتماعية،
الثقافية الاقتصادية والسياسية ، وهذه الأخيرة هي التي لاقت رفضاً كبيراً عبر
التاريخ بين فئات الحاكمين والمحكومين وبين المستعمِر "المستدمر"والمستعمَر، الأمر
الذي جعل من الحرية رايةً ترفف عالياً في أماكن مختلفة من المعمورة.
ولعل قيام
الثورات الإنسانية الكبرى ، ارتكزت على مفهوم الحرية مثل ثورة غاندي بالهند التي
عبر فيها عن رأيه وعن مواقفه بطريقة سلمية حتى وصل إلى الهدف الذي يريد وهو
الاستقلال، ثورة نلسون منديلا جنوب أفريقيا الذي قيدت حريته ما يزيد عن ربع قرن ،
وقبلها الثورة الفرنسية التي أسقطت سجن الباستيل وأهدت الثورة الأمريكية تمثال
الحرية الذي لا يزال شامخاً إلى يومنا هذا في مدينة نيويورك ، وتعددت الثورات في
مواطن كبيرة من المواقع الجيواستراتيجية في العالم والتي كانت من ضمنها ثورتا اليمن
سبتمبر وأكتوبر اللتان حررتا الإنسان اليمني من حكم إمامي مستعبد واستعمار بريطاني
مقيت، فاستطاع الإنسان اليمني بعدها أن يعبر عن ما يدور في خلجاته بحرية
وباستقلالية ومسؤولية لتأتي الوحدة لتفتح الباب واسعاً للحرية السياسية وحرية الرأي
والتعبير والتي لا شك بأن لها إيجابياتها على المجتمع والدولة من خلال ظهور عشرات
الصحف الحزبية والأهلية والرسمية والمجلات المتخصصة،ناهيك عن نشر الكتب ذات المشارب
الفكرية المختلفة التي يتزود منها الباحثون والمهتمون.
بيد أن الفهم المغلوب
للحرية أيضاً قد أسهم في إشاعة ثقافة الكراهية وثقافة الحقد والطائفية والانفصال،
الأمر الذي يجعلنا نقول أن الحرية يجب أن تضبط بمعايير وأول هذه المعايير هي
الثوابت الوطنية مثل الدين ، اللغة ، الوطن ، الثورة ، الوحدة ..إلخ التي لا يمكن
بأي حال من الأحوال الخوض فيها والتعدي عليها لأنه يعد جريمة بقوة الدستور
والقانون، لشدة ارتباطها بمصالح المواطنين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم ومصالحهم ،
وثاني هذه المعايير هي "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين" فلا يجوز انتهاك حرية
الآخرين.
فالواجب فهم مصطلح الحرية فهماً صحيحاً ودقيقاً وبالتالي الخوض في
التعبير عنه في كل أبعادها السياسية، والاجتماعية والثقافية، والاقتصادية ، واعتقد
من خلال اطلاعي على ما يكتب في الصحافة اليمنية هناك فهم غير مكتمل للحرية وإنما
يوجه معظم الكُتاب الصحفيين هي الولاءات الضيقة تارةً والخلافات والأمزجة الشخصية
تارةً ثانية والمواقف والأحكام المسبقة تارةً ثالثة.
فإذا وجد أحد يدعو إلى
الانفصال مثلاً فإنه حتماً يخالف ما أمر به ديننا الإسلامي الحنيف المؤكد على
الوحدة والاعتصام بحبل الله جميعاً دون تمزق أو تشتت كما يعد مخالفاً ومنتهكاً
للوطن الذي أصبح جسداً واحداً ويريد بتر شطر منه.
كما أنه متعد على الهدف الخامس
من أهداف الثورة اليمنية الناص على :"العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق
الوحدة العربية الشاملة".
وعليه فإننا نقول مثلما قال فخامة الأخ/ علي عبدالله
صالح - رئيس الجمهورية إن الوحدة خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وهي محمية بإرادة الشعب
اليمني المسلح بالوعي والحرية والديمقراطية.