الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على
الله يسيرا)) النساء [29 30] لقد جاء الإسلام لحقن الدماء فلا تسفك إلا بحقها
وجاء لصون الأعراض فلا تهتك وحفظ الأموال فلا تنهب وإن كانت قضيباً من أراك كما قال
رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم).
ومع ذلك نسمع بين الحين والآخر أن هناك شباباً في مقتبل العمر يفجرون
أنفسهم ويخلفون الحسرة في نفوس أهلهم وذويهم وما عثمان الصلوي إلا نموذج لما نقول،
فحتى هذه اللحظة لم تبرح مخيلتي تلك الأشلاء المتناثرة، لا أقول للإرهابي ولكن
للضحية الذي وقع في مصيدة الجهل التي نصب شراكها من يدّعون الإسلام. .
فأين
الإسلام من تلك الجريمة النكراء؟ وأين خوفهم من الله.
لهف نفسي على أسرته كيف
ضيعته؟، كيف أهملته؟، وما عساه ينفع الندم وحرقة الألم؟ وكيف حال أمه الثكلى وهي
تنظر إلى تلك الأشلاء المتناثرة من جسد ولدها الحبيب وإلى ذلك الرأس الذي بتره من
يدعون التقوى وهو في ريعان الشباب وبصورة مأساوية تقشعر لها الأبدان وتنفطر
لبشاعتها القلوب؟ فأين الرحمة بهذه النفس التي صعدت إلى بارئها وهي تظن أنها قد
أحسنت صنعاً وأن هذه السبل هي الأمثل لدخول جنة ربها نتيجة لتعبئة خاطئة زينت له
الاعتداء على العباد وإزهاق الأنفس وفي مقدمتها نفسه مستغلة بذلك براءته وصغر سنه
وجهله بأمر دينه فرمت به في المحرقة دون أدنى أسف؟.
فهل يعلم أولئك الذي يخططون
ويرسمون دوائر لا تدور إلا على رؤوس المسلمين البسطاء الذين لا حول لهم ولا
قوة. .
أن هدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم مسلم بغير حق؟. .
ويقول رسولنا
الكريم: ((لزوال الدنيا أهون على الله من دم يسفك بغير حق، ثم ألم يعلموا أن
المقتول لن يترك القاتل وسيقف له خصماً يوم القيامة في حديث رسولنا صلى الله عليه
وسلم : (يجيئ المقتول يوم القيامة متعلقاً بالقاتل تشجب أو داجه دماً يقول يا رب
سل هذا فيما قتلني ؟! وليت شعري كيف ستكون الإجابة عندما يقفون بين يدي الجبار
يسألهم عما اقترفته أيديهم بحق من وثقوا فيهم وتأثروا بهم وأسلموهم رقابهم طواعية
ومحبة لله ورغبة في دخول جنته ظناً منهم أن الجهاد إنما يكون بالاعتداء على العباد
وترويع الآمنين؟ فأي جنة هذه التي تقوم على بركة الدماء التي حرمها الله إلا بالحق
سيما وأن رحمة الله وسعت كل شيئ، ففي كلب عتقت نفس ودخلت جنة ربها وفي هرة حقت
النار على امرأة حبستها، أما الكلب فقد سقته وأما الهرة فقد حرمتها الطعام حتى
ماتت.
لا نقول في الأخير إلا هنيئاً لمن خرج من الدنيا ولم يتلطخ بدم مسلم، أو
يزهق نفسه التي استودعها الله إياه أمانة حتى حين.