الصباحي
المحلية والإقليمية: إلى أين يتجه العمق العربي - اليمن السعيد - في ظل الظروف
الراهنة والاستثنائية يمنياً وإقليمياً؟!! المتأمل بعمق في التاريخ السياسي لليمن
على مدى عقود ما بعد الثورتين ( سبتمبر وأكتوبر ) في المحافظات الشمالية كما
الجنوبية يجد أن الصراع الداخلي وغياب الاستقرار السياسي كانا سيدا الموقف !! في المحافظات
الشمالية - أو ما كان يسمى الجمهورية العربية اليمنية - لم يستقر الوضع
السياسي بعد الثورة فما إن يستلم رئيس زمام الحكم الا وتتالت موجات الصراع السياسي
وهكذا استمر الوضع لما يقرب من عقدين من عمر الثورة إلى أن قدم المقدم - آنذاك- علي
عبدالله صالح من المؤسسة العسكرية وتسلم مقاليد الحكم في شمال الوطن ووجد نفسه وهو
يقود السفينة في وضع لا يحسده عليه احد كون الرياح الشديدة والأمواج الضاربة
والهزات القوية تحيط بالسفينة من كل جانب !!! ومع أن المراقبين السياسيين داخلياً
وخارجياً بل ودولياً توقعوا أن هذا الرجل القادم من صفوف الجيش لن يستمر في دفة
القيادة اليمنية لأكثر من عام فقط أو على الأقل، لن يطول عهده في السلطة وسيكون على
أحسن الأحوال كسابقيه من الرؤساء وعزز ذلك التحليل كون الرجل عسكرياً بحتاً ولم يكن
ضمن البارزين في ميدان السياسة ودهاليزها المعقدة ! إلا أنه اثبت عكس ذلك وفرض نفسه
بكفاءة واقتدار كسياسي مخضرم من الطراز الأول وساعده في ذلك نجاحه في عدة اتجاهات :
1- إعادة بناء المؤسسة العسكرية ورفدها بالعناصر والسلاح ثم التدريب
والتأهيل.
2- القضاء على بؤر الصراع العسكري في المناطق الوسطى - عبر صفقات
معروفة.
3- التنمية في مجالات شتى.
وكون الرئيس تسلم قيادة البلد برضى داخلي
وإقليمي إلا أنه في ذات الوقت لم يعتمد على جهة بعينها بل سعى لكسب كل الأطياف حتى
الذين قاموا بمحاولة انقلابية عليه في 15 أكتوبر من العام 78م، وهذه صفة نادرة تحسب
للرئيس صالح فالرجل بعيد عن الدموية والحقد السياسي وهذه الصفة ميزته عن سابقيه في
اليمن ككل.
مع أن الرئيس كان مهتماً أكثر بالنقاط السالفة الذكر إلا أن هاجس
الوحدة كان يراوده منذ تسلمه دفة القيادة فسعى جاهداً وعبر لقاءات واتفاقيات داخل
الوطن وخارجه لتحقيق الحلم اليمني والعربي بالوحدة حتى تحقق ذلك في العام 1990م
وكان هذا أكبر منجز ليس لليمن فحسب بل للأمة العربية ككل من اليابس وحتى
الماء.
بالتأكيد إن وضع المحافظات الشمالية قبل الوحدة كان أفضل بكثير جداً من
جميع النواحي عن المحافظات الجنوبية التي كانت تفتقر إلى أساسيات البنى التحتية،
هذا فضلاً عن الحالة المعيشية حيث أن كل شيئ كان باسم الحزب حتى قوارب الصيد !! ولا
صوت يعلو على صوته فلا حرية ولا تنمية ولا هم يحزنون !!! وكانت التصفيات الجسدية
والسياسية سائدة وبشكل دوري متعارف عليه في جنوب الوطن، وحتى لا نُتهم بالتحامل على
الإخوة الرفاق إبان حكمهم فالإنصاف أن الفساد المالي والإداري والرشوة والمحسوبية
واحترام القانون في عهدهم لم يكن موجوداً كما هو حاصل اللحظة ، ما أريد أن أتوصل
إليه من خلال هذه المقدمة البسيطة هو الوصول إلى إجابة على السؤال أعلاه ( العنوان
) إلى أين يتجه اليمن السعيد ؟!! وللحديث صلة..